أجرت اليوم التالي دراسة مسحية في الفترة الواقعة بين 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 و4 كانون الثاني/يناير 2016، من خلال مقابلات عبر أداة الاستبيان المقنن، بهدف التعرف على آراء وتقييم السكان المحليين لأداء المجالس المحلية في مناطقهم المحررة، وشمل المسح عينة من السوريين تتألف من (803 شخص): 424 رجلاً و379 امرأة متواجدين في مناطق يشرف عليها خمسة مجالس محلية وهي:
• المجلس المحلي لمدينة داريا في محافظة دمشق.
• المجلس المحلي لمدينة الرستن في محافظة حمص.
• المجلس المحلي لمدينة إدلب.
• المجلس المحلي لمدينة معرة النعمان في محافظة إدلب.
• المجلس المحلي لقرية ابلين في محافظة إدلب.
لعبت المجالس المحلية دوراً رئيسياً في إدارة المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام منذ نشأتها التي رافقت انطلاقة الثورة السورية. فلقد تولت هذه المجالس مسؤولية تقديم الخدمات العامة للسكان في مناطقها. وواجهت، ولا تزال، الكثير من المشاكل والصعوبات التي تهدد وجودها وقدرتها على الاستمرار. العديد من الباحثين درسوا بإسهاب هذه المشاكل وحاولوا تقديم رؤى وتصورات عن سبل تحسين أداء المجالس. إلا أن الدراسات التي تناولت هذا الموضوع بناء على آراء ومواقف السكان المحليين أنفسهم نادرة أو تكاد تكون غائبة، فمعظم الدراسات المنشورة حتى الآن تستند إلى بيانات مستمدة من أعضاء المجالس أنفسهم، أو من جهات أخرى تعمل معهم.
إن هذه الدراسة المسحية تهتم بصوت السكان المحليين وتسعى للتعرف على آرائهم وتقييمهم لأداء مجالسهم: مالذي يريدونه منها؟ وكيف يقيّمون أدائها؟ وما المصاعب التي تواجهها؟ وكيف يريدون إدارة بلداتهم؟ وما هي احتياجاتهم؟
يشكل هذا البحث مساهمة أولية في تصميم استبيان يساعد المجالس المحلية أولاً على تحسين أدائها من خلال التعرف على حاجات وتقييم السكان لها، ويساعد الجهات المانحة ثانياً على ضمان تحقيق مخرجات المشاريع التي تمولها، من خلال التعرف على تقييم ومواقف السكان المحليين، لأنهم المستهدفون من هذه المشاريع. وبالتأكيد، سيعود هذا الأمر بالفائدة على السكان ويساهم في تحسين شروط حياتهم.
تضمنت الدراسة ثلاثة فصول:
• آراء وتقييم عام، حول أداء المجالس المحلية وتطوره، والمراجعين لها والصعوبات والتحديات التي تواجه عمل المجالس والانتخابات المحلية.
• تقييم مفصل للخدمات: يعرض الفصل الثاني الخدمات مع تقييم المستجيبين لكل منها، وتمكنا من ترتيبها من الأسوأ إلى الأفضل، الأمر الذي يساعد على التعرف على احتياجاتهم أيضاً. هذا الفصل مؤلف من خمسة أجزاء، في كل جزء عرضنا مجلساً واحداً. وتعرفنا أيضاً على أمور تتعلق بحال المجلس الآن وكيف يجب أن يكون. بالإضافة إلى ذلك، بحثنا طبيعة العلاقة والتواصل بين المجلس والسكان: مدى معرفتهم عن طريقة تشكيله وعلاقاته مع الجهات الأخرى، التمييز بين المجلس كمؤسسة ورئاسته، المشاركة في الانتخابات المحلية أو مقاطعتها في حال حدثت.
• فيما تناول الفصل الثالث والأخير العاملين في المجالس المحلية. فمن خلال عينة المستجيبين العاملين فيها، تم التتعرف على خلفياتهم المهنية والتعليمية، أعمارهم، الدخل والحالة المدنية والمسؤوليات (عدد الأفراد المسؤوليين عن إعالتهم). وبالطبع تعرفنا على تقييمهم للمصاعب والتحديات التي تواجه المجلس.
واختتمت الدراسة بعرض النتائج على صعيد المستجيبين ككل، وعلى صعيد كل مجلس على حدة في مقارنة بسيطة بين أداء المجالس المدروسة، كما تم تقديم الخلاصة والتوصيات الخاصة بعمل المجالس المحلية في سوريا، وعرض أداة الاستبيان التي استخدمة في البحث.
أهم النتائج:
• تختلف المصاعب والتحديات التي تواجه المجالس من منطقة إلى اخرى، ويمكن تلخيصها بنوعين رئيسيين: الأول يعود إلى أمور خارجة عن إمكانات المجلس مثل القصف والإعتداءات المسلحة أو الموارد المالية. والثاني يعود إلى المجلس نفسه مثل المحسوبيات والعلاقات الشخصية والإدارة أو سوء التنظيم.
• كانت المشكلة المالية هي الأولى في أربعة من المجالس الخمسة المدروسة: ذكرها أكثر من نصف المستجيبين في داريا والرستن، وانخفضت إلى 39.4 % في قرية إبلين و إلى 30.4 % في إدلب وإلى 21.0 % في معرة النعمان (لكنها تراجعت فيها إلى المرتبة الثانية).
• المحسوبيات والعلاقات الشخصية بلغت ذروتها في قرية إبلين (33.3 %)، وانخفضت إلى حدود الربع في كل من الرستن ومعرة النعمان، وإلى 13.0 % في إدلب. بينما بلغت أدنى مستوياتها في داريا، فقط 5.6 % ذكروا هذه المشكلة.
• تدخل الفصائل المسلحة في عمل المجلس بلغ ذروته في إدلب المدينة بنسبة 10,9%، وانخفضت هذه النسبة إلى 6.5 % في معرة النعمان وإلى 3.6 % في الرستن. ولم يذكر هذا السبب أي شخص في داريا ولا في قرية إبلين.
• يبدو أن هناك شبه إجماع عند السوريين في العينة التي تمت دراستها على تأييد تمويل المجالس المحلية من الخارج في الفترة الراهنة. فقط 4.4 % منهم قالوا إنهم يعارضون بشدة مثل هذا التمويل.
• تم تشكيل المجالس المحلية في سوريا بطرق مختلفة، في بعض المناطق تم تعيين المجلس من قبل الفصائل المسلحة، في مناطق أخرى بالتوافق بين وجهاء البلدة والعائلات الكبيرة وغالباً مع الفصائل المسلحة. إلا أن الانتخابات لم تكن غائبة تماماً، حيث أن بعض هذه المجالس تم تشكيلها عبر الانتخابات.