مدركات الحوكمة:  تجربة المجالس المحلية في مناطق سيطرة المعارضة في سوريا

ملخص تنفيذي:

يقدم هذا التقرير نظرة عميقة لعمل المجالس المحلية من خلال دراسته لخمس حالات في مناطق مختلفة تقع ضمن سيطرة المعارضة في سوريا، كما يدرس هذا التقرير تطور عمل ونشاطات هذه المجالس ومدى تأثيرها. كما يسلط الضوء على صورة تلك المجالس لدى المواطنين في المجتمعات التي تعمل بها. إن المجالس المحلية تعد مؤسسات هامة في مجال تقديم الخدمات في مناطق سيطرة المعارضة في سوريا؛ ففي بعض المناطق كانت تلك المجالس المحلية تقوم – إلى حد ما – ببعض الوظائف المتصلة بالحكم مثل تحصيل الرسوم وإدارة السجلات المدنية.

تشكّلت غالبية المجالس المحلية من رحم جهود شعبيّة بعد انتفاضة عام 2011 ، حيث أنشأ أول مجلس محلي عام 2012 . وقد بدأ عمل المجالس المحلية في مجال العمل الإغاثي ثم تطور مع مرور الوقت؛ في محاولة منها لسد الفراغ الناشئ عن انسحاب الحكومة السورية من مناطق معينة في البالد.

وظف هذا البحث أسلوب المقابلات المغلقة – المفتوحة ومناقشات مجموعات التركيز وذلك لدراسة تجارب المجالس المحلية في مناطق سيطرة المعارضة السورية التالية: دارة عزة ومعرة النعمان وزملكا وكفر تخاريم ونوى. ويسلط التقرير الضوء على المجالس المحلية في هذه المناطق وأنماط واتجاهات إدارتها، وقد تم التو ّصل إلى النتائج التالية:

  • نشطت وعملت المجالس المحلية بشكل يتسم بالاستقلالية والارتجال في غياب جسم مركزي يطبق استراتيجيات وأطر ولوائح وقواعد عمل موحدة، ومع ذلك – وكما سيوضح التقرير – فقد ظهرت أساليب عمل مشتركة فيما يتعلق ببنية المجالس المحلية وازدياد إضفاء الطابع الرسمي على آليات الحوكمة.
  • في بداية عملها، أعطت المجالس المحلية الأولوية للاستجابة الفورية للاحتياجات الإنسانية على حساب الأهداف التنموية والحوكمية طويلة المدى، مما أدى إلى تركيز الإدارة على تخفيف الحرمان الآني عن طريق تحسين القدرة على الوصول إلى الماء والكهرباء وإصلاح الطرق والبنية التحتية للمرافق والتعامل مع مسألة إدارة النفايات. إن هذا التركيز على القضايا قصيرة الأمد سببته عوامل منها كثيرة، منها الروح الثورية وقضايا الأمن المحلي والسياق السياسي الدولي وسياسات التمويل والتي لم تسمح بالتفكير طويل الأمد ولا بتطوير قدرات الحكم المحلية، ومع ذلك فإن مجال اهتمام عمل المجالس المحلية تحول تدريجياً ليأخذ في اعتباره أنشطة طويلة الأمد. لقد استفادت المجالس المحلية من أساليب مختلفة لتفعيل المشاركة العامة والشفافية، ومع ذلك فإنها كانت دائماً ما تتأثر بالوسائل المتاحة والديناميات المحلية، وقد حّدت التحديات الأمنية والظروف المحيطة من قدرة المجالس المحلية على الظهور خارجيا بالتضمين فقد اختلفت عمليات اختيار أو انتخاب أعضاء المجالس المحلية بمرور الوقت ولكنها ما زالت في المحصلة مرهونة بعدد ضئيل من العائلات والأفراد النافذين في المجتمع المحلي، وقد تم إقصاء المرأة بشكل كبير من المشاركة في المناصب القيادية في المجالس المحلية.
  • أثرت أجندة الدعم الخارجي بشكل كبير على توجه المجالس المحلية؛ فقد ساقت أولويات المانحين – وليس حاجات المجتمع – توجه عمل المجالس المحلية مما أدى إلى نتيجتين: الأولى أن هناك بعض الدلائل التي تفيد بأن مستوى شفافية المجالس المحلية محدود لأنها تتجنب نشر التحديات التي تواجهها علانية خوفا من أن يؤثر ذلك على دعم المانحين، وثانياً أن الاعتماد على ً، الذي عادة ما يكون قصير الأمد، قد أدى إلى عمل المجالس المحلية على أساس المشاريع المنفصلة وليس لخطة طويلة الأمد أو خطط متكاملة تشمل المجتمع.
  • أوضحت الحالات المدروسة في التقرير، أنه عادة ما كان للمجالس المحلية قدرة محدودة جداً على تنفيذ القرارات، أما الأطراف التي تتمتع بهذه القدرة فهي الفصائل المسلحة والشرطة في غالب الأحيان، وفي الحالات التي يكون فيها التنسيق مع الفصائل فإن المجالس المحلية كانت قادرة على ممارسة سلطة اتخاذ القرارات بصورة أكبر بما في ذلك القدرة على التحكيم ً . والوساطة في النزاعات المحلية أو تمثيل المجتمع المحلي خارجياً.
  • أثرت التجربة التاريخية للمواطنين في العيش تحت ظل حكومة سلطوية على نظرتهم للمجالس المحلية؛ مما يطرح لديهم تساؤلات وشكوكاً حول قدرة الأنظمة المحوكمة على خدمة المجتمعات، وقد عبر الأشخاص الذين سنحت لهم الفرصة بالتعامل المباشر مع المجالس المحلية عن وعي ورضا أكبر عن التغييرات التي حلت على المجالس المحلية. –
  • تعد عوامل الاقتتال والوفاة وهجرة العقول بسبب تدني الأجور من الأسباب التي أدت إلى انخفاض مستوى الكفاءات البشرية داخل الإدارة التنفيذية للمجالس المحلية وموظفيها، وهو ما يتضارب مع رغبة مجتمعية عالية في أن يكون التوظيف في المجالس المحلية قائماً على أساس الكفاءة والخبرة.
  • بعد انسحاب الحكومة السورية من عدد من المناطق، قام الكثير من الفاعلين بالدخول في مجال تقديم الخدمات بل والتنافس فيه بما في ذلك التنافس حول النفوذ والموارد المرتبطة به، وقد لوحظ من الحالات المدروسة أ ّن المجالس المحلية أضحت قادرة على إثبات نفسها باعتبارها الكيان الرئيسي في مجال تقديم الخدمات وربط المجالس المحلية بتقديم الخدمات في أذهان العامة.

لتحميل النسخة العربية من التقرير:

preview