محاولة استطلاع للآراء والمواقف اتجاه الصراع في سوريا ومآلاته

مقدمة

“يسر مركز نبض الشارع السوري أن يضع بين أيديكم باكورة أنشطته٬ استطلاع آراء السوريين وقياس الإتجاهات والمواقف، والذي تم إطلاقه بجهد من الدكتور بسام عويل كمحاولة لعكس نبض الشارع السوري وتبيان تفاصيله ومواقفه اتجاه القضايا المهمة للسوريين” مع الاحتفاظ بحقوق النشر للمركز
يسعى مركز  Gaudium Vitae Bassam Aouill المسجل أصولاً في بولندا، من خلال طرح الإستبيانات على صفحته الى تحسس نبض الشارع السوري بعد سنوات الحرب الدائرة في سوريا على السوريين بالدرجة الإولى.

 

 

بالتزامن مع اطلاق المركز تم تصميم الاستبيان الأول وطرحه على الصفحة وهو الذي هدف الى رسم صورة عامة لأراء السوريين ومواقفهم اليوم اتجاه بعض الجوانب المفصلية التي تتصل بالأزمة والصراع السوري الذي بدأ في آذار عام 2011 حتى يومنا هذا.

تم وضع الاستبيان على موقع المركز على الفيسبوك والذي اعتمدت منهجيته على استطلاع آراء ومواقف السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعية والوصول اليهم من خلال ترويج الموقع بشكل مباشر وغير مباشر.

استمر جمع المعلومات لمدة اسبوع كامل بدأ من 03.05.2017 وحتى نهاية يوم 10.05.2017 لتبدأ مرحلة معالجة المعطيات وتبويبها ومحاولة قراءتها ومقاربتها.

شارك في الاستبيان 3140 سورية وسوري من المقيمين في سوريا وخارجها ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية وكذلك الموالاة السياسية والانتماءات. العينة التي شاركت لها طابع عشوائي ضمن مجموعة المستخدمين للفيس بوك وهي بطبيعة الحال ليست ممثلة للسوريين بالمعنى الحقيقي ولكن من الممكن اعتبارها عينة مسحية التماسية في نهاية المطاف ربما أستطيع في الاستبيانات اللاحقة الوصول الى شريحة أكبر ربما تستطيع التقليل من سلبيات المسح الالكتروني وخاصة بما يتعلق بالتركيبة المجتمعية السورية بعد هذه السنوات الطويلة من الحرب التي استهلكت ليس مقدراته وحسب وإنما تواصله وترابطه وثقته ببعضه يضاً.

بالرغم من كل ما سبق فقد أظهرت النتائج وصول الاستبيان الى شرائح متنوعة من السوريين ربما تستطيع القاء الضوء على بعض جوانب آرائهم ومواقفهم واتجاهاتهم, بالرغم من كل محدداته  وضيقه, لتضعنا أمام ولو جزء من المشهد العام تفتح أعيننا على تلك الآراء والمواقف التي يتم ومنذ سنوات القفز فوقها من قبل الأطراف المتصارعة والتعتيم عليها بهدف توظيف الحملات الاعلامية والحرب النفسية التي تشكل امتداداً طبيعياً للصراع العسكري المسلح بين الأطراف المتصارعة.

 

استعراض النتائج وتحليلاتها الإحصائية

  1.  عينة البحث

شارك في الإستبيان 3140 سوريةً وسورياً وسورية من داخل سوريا بنسبة حوالي 41,5 % من الإناث و 58,5% من الذكور.

وتوزع أفراد العينة على شرائح عمرية مختلفة بدأ من 18 وحتى 65 سنة. أكبر الشرائح كانت لعمر 51 – 60 سنة بنسبة 27,3% بينما أصغر تلك الشرائح فقد عادت لعمر 18-22 سنة بنسبة 3%.

أظهرت النتائج أيضاً مشاركة سوريون من انتماءات قومية متعددة عكست بشكل كبير التنوع الإثني الذي يتسم به السوريون. فقد كان من ضمن المشاركين في الإستبيان عرباً (66,7%)  وأكراداً (16,7%)  و سرياناً – آشوريين ( 13,3%) اضافة الى شريحة من قوميات أخرى لم يتم تسميتها بنسبة صفيرة لم تتجاوز ال 3%.

لم تظهر المعالجة الإخصائية فروقاً جوهرية بما يخص جنس المشاركين في توزعهم على الشرائح العمرية وكانت النسب قريبة للتوزع الذي تم ذكره في الفقرة السابقة.

 

تنوع المشاركين فيما يخص بدرجة تحصيلهم الدراسي والعلمي من مستوى التحصيل الثانوي حتى الدراسات العليا والتخصصية والدكتورة أيضاُ. ويبرز الرسم البياني توزع المشاركين على تلك المراحل التي غلب فيها مستوى التحصيل الثانوي بفارق غير كبير عن مستوى المعاهد المتوسطة والجامعية. أما المستوى العلمي والتحصيلي العالي  فقد بلغ نسبة ليست بالقليلة وهي حوالي %12 أي بعدد حوالي 380 مشاركاً.

بما يخص توزع التحصيل مقارنة بالإناث والذكور لم تسجل المعالجة الإحصائية فروقاً احصائية جوهرية في المجموعات الثلاثة .

شكلت شريحة المتزوجات والمتزوجين  النسبة الأعلى من المشاركين بما يتعلق بالوضع العائلي بمقدار فوق النصف بقليل, بينما توزع البقية على ثلاثة شرائح أخرى كان أكبرها العزوبية بنسبة حوالي 24% وبنسبة أقل للمطلقات والمطلقين ( 9%) ومثيل لها بين الأرامل من كلا الجنسين.

وعند الإستفسار من المشاركين في الإستبيان عن النشاط المهني الحالي فقد تبين أن أقل من نصف العينة بقليل بحالة بطالة بينما حوالي 42% من المشاركين أكدوا أنهم يعملون حالياً دون تمييز لما يخص الجنس ولكن أغلب العاطلين عن العمل كانو من شريحة التعليم الثانوي والمعاهد المتوسطة والجامعية.  أما حوالي 10% من العينة فقد أشاروا غلى أنهم يتابعون تعليمهم.

عند السؤال عن الحالة الصحية التي تسم المشاركين بالإستبيان فقد أتت الإجابات قريبة من التوقعات بعد سنوات الحرب الستة الماضية وأظهرت أن حوالي ثلث المشاركين يعانون من اضطرابات و مشكلات نفسية بالرغم من حالتهم الصحية الجسدية السليمة. أما نصف العينة فهم أصحاء ولا يعانون من الأمراض أو العاهات.

بما يتعلق بمكان الإقامة الحالي فقد أظهرت النتائج توزع المشاركين علىعدة شرائح. الشريحة الأكبر 27%  كانت من السوريات والسوريين المقيمن في سوريا بينما أتت شريحة من يقيم في اوروبا بالدرجة الثانية بنسبة 24% وتلتها شريحة المقيمين في تركيا – حوالي 21%, أما من المقيمين حالياً في الأردن فقد كانت نسبة المشاركة حوالي 11% وأقل من نصف ذلك من المقيمين في لبنان.

بما يتعلق بالأنتماء القومي فقد أظهرت النتائج أن شريحة المقيمين في سوريا تضم العرب والاكراد بدرجة كبيرة بينما الآشور والسؤيان بدرجة أقل بكثير, بينما توزعت القوميات بدرجات متقاربة ( بدون فوارق احصائية مهمة) على المقيمين في أوروبا في الوقت الذي لم يتواجد أحداً من المشاركين من الأكراد أو السريان أو الآشوريين في الأردن.

ولمحاولة فهم اللآراء والمواقف أكثر وأعمق فقد تم طرح سؤال على المشاركين بخصوص طبيعة الإقامة في تلك الدول آخذين بعين الإعتبار اللجوء والهجرة والدراسة الخ. وأظهرت النتائج بما يخص غير المقيمين في سوريا من المشاركين أن الأغلبية هي من اللاجئين في تلك الدول بينما في الدرجة الثانية تأتي شريحة السوريين الحاصلين على الجنسية في الدول التي يقيمون فيها وبنسبة 88% في أوروبا . أما حوالي 10% من المشاركين فهم يقيمون بغالبيتهم في الدول العربية مثل لبنان والأردن بقصد الدراسة ومتابعة التحصيل أو العمل ومعظمهم من الذكور العازبين وحملة الشهادات الجامعية.

 

الموالاة ( الانتماء)  السياسي للمشاركين أوضح أن الغالبية العظمى منهم تعتبر نفسها وتعرفها على أنها معارضة للنظام السوري والمعارضة السياسية والمسلحة بنفس الوقت دون أن تعتبر نفسها محايدة في موقفها, لأن تلك الشريحة التي عرفت عت تفسها بذلك لم تتجاوز ال 6%. وبما يخص بقية المشاركين فقد تبين أن الموالين للنظام السوري كانوا الأقلية بين كل المشاركين. من اعتبروا نفسهم موالين للمعارضة السياسية شكلوا نسبة حوالي 10% والموالين للمعارضة المسلحة بنفس النسبة تقريباً ومعظم اؤلئك من كلا الشريحتين الأخيرتين كانوا من الذكور ومن الشريحة العمرية 23-40 سنة والمستوى التعليمي الثانوي والعرب دون أن يتميزوا احصائياً بما يخص الوضع الصحي أو المهني.

يستقي المشاركين في الأستبيان على اختلاف شرائحهم العمرية ونشاطهم المهني وغيره من المتغيرات السابقة معلوماته والأخبار بشكل أساسي  من صفحات الإنترنت والتلفزيون والفيس بوك بينما الأقل من بين المشاركين ( 10%)  يستقي ذلك من التويتر. أما حوالي  20% فلهم مصادرهم الخاصة.

وبالتوازي مع السؤال السابق فقد تم استقصاء الموقف بمستوى الثقة بمصادر تلك الأخبار والمعلومات لتأتي النتائج بغالبيتها وتبين عدم ثقة معظم المشاركين بتلك المصادر معتبرين أن ” كل المصادر غير موثوقة ” وبدرجات مختلفة فيما يتعلق بمصادر التلفزيون والفيس يوك.

أما عن الثقة بالمحللين السياسيين تحديداً فقد أظهرت النتائج بأن الغالبية العظمى من المشاركين, بغض النظر عن المتغيرات كالعمر والجنس والقومية والحالة الصحية أو المهنية وكذلك الإنتماء أو الموالاة السياسية, ليس لها ثقة بهم وتعتبرهم منحازين. فيما أكد كل خامس مشارك تقريباً (23%) بأنه يثق أكثر بالمحللين السياسيين من الخبراء الدوليين بالمقارنة مع غيرهم وهؤلاء المشاركين بأغلبيتهم من الشريحة العمرية من 40 الى 60 سنة ومن أصحاب التأهيل العلمي الجامعي و العالي والعاملين.

 

  1. المواقف والأتجاهات

– الموقف حيال القوى العسكرية الأجنبية في سوريا:

أظهرت النتائج توافقاً كبيراً لدى الأغلبية الساحقة من المشاركين بما يخص الموقف اتجاه القوى العسكرية الأجنبية المتواجدة على الارض السورية ورفضه لها ( أكثر من 80%) دون أن تُظهر المعالجة الإحصائية أية فوارق جوهرية بينها بما يخص متغيرات الجنس والعمر والقومية والموالاة ومكان الإقامة الخ. بينما أظهر حوالي  13% من المشاركين موقفاً ايجابياً اتجاه تواجد القوى الحليفة للنظام لم يُبين التحليل الإحصائي فوارق جوهرية فيما بينها سوى بما يخص مكان الإقامة , أذ كان معظم هؤلاء من المقيمين في سوريا بغض النظر عن موالاتهم للمعارضة السياسية أو العسكرية أو النظام كذلك الأمر.

شريحة صغيرة جداً بحدود 3% كان موقفها غير ما تم طرحه من خيارات إن كان مع تواجد القوى الحليفة للنظام أو الفصائل المناصرة للمعارضة أو أيضاً ضد تواجد أية قوى عسكرية غريبة في سوريا.

من المفيد الإشارة اليه هنا هو عدم حيادية موقف أحد من المشاركين اتجاه هذا الأمر.

–  الأسباب وراء بداية الأزمة السورية:

في محاولة لإستقصاء آراء المشاركين في البحث عن الأسباب وراء بداية الأزمة السورية منذ بدايتها وتم طرح خيارات متعددة يستطيع كل مشارك الإشارة الى ما يعتقده سبباً وراء ذلك دون اعطاء قيمة أو ترتيب تلك الأسباب من حيث الأهمية. توزعت الإقتراحات على أكثر من سبب وعامل يعود بعضها الى نظرية المؤامرة على سوريا أو على النظام, بينما يعود غيرها الى تلك التي تتعلق بالنظام السوري وبنيته واستخدامه للحلول العسكرية, وغيرها الآخر الى الصراع الديني وإرث الثمانينات ومحاولة الإخوان المسلمين استغلال الربيع العربي للثأر من النظام ..الى غير ذلك.

أتت النتائج التي أظهرها الإستبيان على توزع شبه متوازي ومتقارب للأراء على الطروحات وسجل معظم المشاركين موافقته على معظم تلك الطروحات علماً أن أغلب الإجابات أشارت الى أن السبب الرئيسي هو في بنية النظام  السوري واستخدامه للحلول العسكرية في مواجهة المتظاهرين والمؤامرة على سوريا من جهة, ومن جهة أخرى استغلال جماعة الإخوان المسلمين للحراك للثأر من النظام والثروات الباطنية, وبنسبة أقل بقليل فقط أتت الإجابات لتوازي بين  موجة الربيع العربي و مصالح اسرائيل والمؤامرة على النظام والمصالح الدولية والإقليمية.

لم تُظهر المعالجة الإحصائية فروقاً جوهرية بين هذه الآراء بالنظر الى المتغيرات الخاصة بالجنس والقومية والموالاة او العمر وغيرها مما يوحي الى أن معظم المشاركين يتقاسمون الرأي بما يخص تلك العوامل والأسباب مجتمعة.

 

3- الموقف اتجاه مستقبل الوضع :

ما هي الحلول الممكنة التي من شأنها إنهاء الأزمة السورية وما هي مواقف المشاركين في الإستيان منها إن كانت عسكرية أو سياسية بما فيها مفاوضات جنيف وآستانة الخ؟  مجموعة من الأسئلة تم طرحها ونستعرض النتائج التي أتت بها التحليلات الاحصائية للمعطيات.

– فرص الحل القريب للصراع في سوريا:

أظهرت النتائج أن أغلبية المشاركين في الإستبيان لا يعتقدون أن هناك حلاً قريباُ (55%) وهذا يعني أن لا فوارق جوهرية احصائية بين المشاركين على كل تنوعهم من حيث المتغيرات الاساسية. بينما يؤكد ثلثهم أن الصراع سيستمر لسنوات طويلة وهؤلاء بمعظمهم من ذوي التحصيل الجامعي والعالي والمقيمين في اوروبا من أصحاب الجنسية واللاجئين, وحوالي 13% لا يرون على المستوى المنظور حلاُ ما.

جدية النظام السوري والمعارضة في المفاوضات في جنيف والآستانة:

بينت النتائج بما لايترك مجالاً للشك أن الأغلبية الساحقة من المشاركين لا يعتقدون بأن الأطراف المشاركة في مفاوضات جنيف أو الآستانة هم جديون في البحث عن حلول وتسويات ( أكثر من 80%) وهي النتيجة التي تسقط أية اعتبارات أو خصوصيات للمشاركين يتميزون بها, أما أكثر من 40%, أي حوالي نصف من يعتقد بعدم الجدية, فهم يعتقدون ذلك لأن الأطراف المشاركة في المفاوضات لاتملك قرارها برأيهم.

ما هي فرص الحسم العسكري لحل الصراع المسلح في سورية برأي المشاركين ؟

أكثر من 70% من المشاركين بالإستبيان على اختلافهم من حيث المتغيرات وتمايزهم فيما بينهم يرى بأن لا أحد من أطراف الصراع بقادر على الحسم العسكري لإنهاء الأزمة, فيما يرى قسم كبير منهم أن الحسم العسكري قد خرج أساساً من ايدي الأطراف المتصارعة. وبينت النتائج أن حوالي 6% من المشاركين يعتقدون أن المعارضة المسلحة جدية في فرض الحل العسكري ومعظم هؤلاء من المقيمين خارج سوريا ومن أصحاب المستوى التعليمي مادون الجامعي والعالي ومن الذكور والموالين للمعارضة العسكرية. وبنسبة أقل بحدود النصف ولا تتجاوز بالعموم 3% من المشاركين هم على قناعة بأن النظام سيسحسم الأمور عسكرياً عاجلاً أن آجلاُ. هذه النتيجة الأخيرة تدعو للتوقف عندها طويلاً ومعالجتها والبحث فيها لأن هذه النسبة هي نفسها فقط ضمن شريحة اؤلئك الذين أظهروا موالاتهم للنظام وتقل بكثير عن نسبة المقيمين في سوريا أو حتى الذين مع تواجد القوى العسكرية الحليفة للنظام على الأرض السورية أيضاً.

دور الدول الإقليمية والدولية في اطالة عمر الصراع:

لإستطلاع الآراء خول دور الدول الإقليمية والدولية في اطالة عمر الصراع في سوريا أظهرت النتائج أن حوالي 60% من المشاركين يعتقد أن لها الدور الأساسي , بينما توزعت اجابات 30% على التأكيد بأن دور تلك الدول يتعلق بمدى ارتهان القوى المتصارعة من نظام ومعارضة لها من جهة, ومن جهة أخرى ترى نسبة متقاربة بأن دور هذه الدول هي من نتائج الصراع وليس من أسبابه وأنها – أي تلك الدول من سيقوم بإنهاء هذا الصراع.

الثقة بأطراف الصراع:

هل يثق المشاركين بأحد من أطراف الصراع في سوريا وأن كان نعم فبأي جهة يثقون ؟

النتيجة أتت أكثر من واضحة ومن قبل الأغلبية الساحقة من المشاركين بأن أكثر من 90% منهم لا يثق بأحد من أطراف هذا الصراع.  6% فقط تثق بالنظام كطرف في الصراع بينما أقل من 1% يثق بالمعارضة السياسية أو العسكرية.

كيف توزعت الإجابات بما يخص الموالاة السياسية؟ بالطبع أتت فئة من يثق بالنظام من ضمن مواليه ومن ضمن القاطنين في سوريا دون أن يكون لأي من المشاركين من المقيمين خارجها رأياً مشابهاً. أما بما يخص حوالي المائة من المشاركين ممن يثق بالمعارضة السياسية أو العسكرية فكان معظمهم من الذكور ومن فئة العمر أقل من 50 سنة ومن اللاجئين المقيمين في تركيا ولبنان والأردن إضافة الى عشرة أشخاص فقط من اللاجئين المقيمن في اوروبا.

 

وبحال أن أحد الأطراف استطاع الحسم العسكري فما هي توقعات المشاركين بالإستبيان عن الوضع في سوريا عندها وبعدها؟

أظهرت النتائج أن 60% من المشاركين يعتقد أن الأمور لن تهدأ وستسمر الإضطرابات. هذه الفئة تتوزع على محتلف الشرائح العمرية والأسرية والمهنية وغيرها, كما لا توجد فروق جوهرية احصائية بين أفرادها بما يتعلق بالجنس أو القومية أو المستوى التعليمي أو الصحي الخ.

ولكن هناك نتيجة أخرى يُظهرها الإستبيان وهي أن حوالي 17% من السوريين يعتقدون بأن بحال حسم أحد الأطراف عسكرياً فأن الأمور ستستقر بالمقارنة مع حوالي 13% يعتقدون بأنه في هذه الحال فإننا سنواجه موجة انتقام وعنف واسعة. معظم أفراد المجموعة الأخيرة هم من المقيمين في سوريا على اختلاف انتماءاتهم وتنوعهم.

 

أما عن التوقعات بحال أن اتفق النظام والمعارضة على انهاء الصراع أو تم الزامهم دولياً بالاتفاق فيما بينهم فهنا نجد حوالي نصف المشاركين يتمسك بتوقعاته عن الذي سيحصل بحال الحسم من طرف واحد ويعتقد بأن الأمور لن تهدأ وستسمر الإضطرابات. بينما 7% من المشاركين يضافون الى شريحة من يعتقد بأن الأمور ستستقر لتصبح بالنتيجة حوالي ربع العينة – أي حوالي 25%. هذه الشريحة معظمها من السوريين المقيمين في سوريا واللاجئين في لبنان والأردن وتركيا بالمقارنة مع شريحة اللاجئين السوريين المتواجدين في اوروبا والحاصلين على الجنسية فيها.

تُظهر النتائج في مواجهة هذا الإحتمال مجموعة أكبر بكثير بالمقارنة مع احتمال الحسم من قبل أحد الأطراف ممن أشار الى أنه لا يعرف مالذي ممكن أن يحصل. هذه المجموعة ليست بالقليلة وتُشكل حوالي 14% من العينة وتتشكل من مختلف الشرائح العمرية والقومية وغيرها دون استثناء.

وعلى الرغم من أن حوالي عشرة بالمائة برون أن غير ذلك سيحصل إلا أنه أحداً منهم لم يقدم تصوره.

 

ماذا عن مشاريع تقسيم سوريا وآفاق طروحات الفيدرالية  كمدخل لإنهاء الصراع أو نتيجة له ؟

إجابة عن سؤالين بهذا الخصوص أظهرت المعالجة الإحصائية للبيانات تنوعاً كبيراً في مواقف المشاركين في الإستبيان من مشاريع التقسيم كمدخل لإنهاء الصراع في سوريا أو كنتيجة له من ناحية, ومن ناحية أخرى في الموقف من آفاق الفيدرالية أيضاً كمدخل لإنهاء الصراع في سوريا أو كنتيجة له.

تُبين الرسوملات البيانية أدناه هذا التنوع في المواقف الذي لا يعطي التفوق لرأي على آخر بما يخص التقسيم ( بالرغم من قناعة نسبة كبيرة حوالي 30% بأن نوعاً من التقسيم ولكن بكشل مستتر سيتم) بقدر ما يُظهر تفوق فكرة الفيدرالية كأحد آفاق  انهاء الصراع في سوريا أو أن الفيدرالية سيتم فرضها على السوريين من قبل الأطراف التي تدير الصراع من الخارج.

من الملفت أن حوالي 20% من المشاركين في الاستبيان يؤيد فكرة التقسيم اذا كان فيه الحل بالمقارنة مع نسبة متقاربة تعتقد أن في الفيدرالية الحل.

 

الجزء الأخير من الإستبيان تطرق الى الأراء والمواقف اتجاه عودة اللاجئين بعد انتهاء الصراع المسلح والإعمار واللحمة الوطنية وشروطها.

بخصوص عودة اللاجئين بعد انتهاء الصراع المسلح تعتقد  مجموعة كبيرة – حوالي النصف – ممن شاركت بالإستبيان بأن العودة غير ممكنة في الأفق القريب ومعظم أفراد هذه المجموعة تعتقد بأن الكثيرين من اللاجئين في اوروبا سيفضلون البقاء هناك لأطول فترة ممكنة. فكيف توزعت هذه المجموعة على الشرائح المختلفة ؟ النسبة الأكبر من أصحاب هذا الرأي هي من بين السوريين المقيمين في سوريا واللاجئين في دول الجوار بغض النظر عن بقية المتغيرات بما يتعلق بالجنس والعمر والقومية والتعليم والمهنة والوضع الصحي وحتى الإنتماء أو الموالاة الخ. بين هذه المجموعة يمكن أن نجد من اللاجئين في اوروبا بنسبة 40% تقريباً ومعظمهم من الشريحة العمرية حتى 40 سنة ومن الذكور .

فقط حوالي 10% من المشاركين يعتقدون بأن معظم اللاجئين بغض النظر عن مكان اللجوء أو غيره من المتغيرات سيعود الى سوريا مع انتهاء الصراع المسلح.

 

بالنسبة لحظوظ اعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع المسلح فأن حوالي 40% يعتقد بأنها غير ممكنة على المستوى المنظور حتى بعد انتهاء الصراع, وتُظهر البيانات أن أغلبية من يعتقد بذلك يرى بأنه حتى ولو حصلت فأنها ستطال المدن الكبيرة على حساب الصغيرة والقرى الى ماغير ذلك.

وبما يخص الجهات التي ستقوم بتمويل اعادة الإعمار فأن  30% من الذين تم استقصاء رأيهم يتوقع بأن اعادة الإعمار ستتم وبسرعة بتمويل عربي وعالمي. معظم أفراد هذه المجموعة هي من المتجنسين في اوروبا ومن أصحاب الشهادات الجامعية والعليا وكذلك من المقيمين في سوريا بغض النظر عن موالاة هذا الطرف أو ذاك. بالنسبة لمتغير العمر والجنس والقومية وغيرها فلم تُظهر المعالجة الإحصائية فروقاً جوهرية فيما بينها.

 

عودة اللحمة الوطنية بين فئات وشرائح الشعب السوري وترميم النسيج المجتمعي بعد الحل وانتهاء الصراع المسلح

تُرك الخيار لمن قام بملئ الإستبيان بالإدلاء برأيه بالموافقة على كل الإحتمالات المطروحة وهي تترواح بين الغير ممكنة وبأي شكل, وبين خيار أن الأحقاد ستستمر بين فئات الشعب السوري الذي سيعيش في عزلة عن بعضه, وبين خيار أن الشعب السوري سيتجاوز نتائج الحرب  سريعاً وسيعود الى ماكان عليه قبلها. أما الخيار الأخير فكان مشروطاً بالطريقة التي سيتم فيها الحل.

يُبين الرسم البياني أدناه توزع آراء السوريين على الإحتمالات المطروحة والتي تُظهر بأن هناك شكوكاً كبيرة بإمكانية عودة اللحمة الوطنية للشعب السوري بعد انتهاء الحرب, لنجد أن حوالي عشرة بالمائة على ثقة بقدرة السوريين على تجاوز المحنة وعودة اللحمة الوطنية.

 

شروط عودة اللحمة الوطنية بين فئات وشرائح الشعب السوري وترميم النسيج المجتمعي

في نفس سياق السؤال السابق حاول البحث تبيان شروط عودة اللحمة الوطنية للسوريين كما يراها السوريين وأتت النتائج على درجة عالية من التوافق بين جميع أفراد عينة الإستطلاع لتشير الى العوامل ذات السمة المركزية التي من شأنها اعادة اللحمة الوطنية والتي تعود أيضاً الى بنية الدولة القادرة على تحقيقها دون العوامل الأخرى ومنها المشاركة الفاعلة للحكاء من مختلف الشرارائح والبنى المجتمعية في المصالحات وهو العامل الذي تمت الإشارة اليه بأقل نسبة بالمقارنة مع العوامل الأخري وهي التي حازت على أعلى النسب وبالترتيب:

1- بناء دولة المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية والقانون على أسس دستورية جديدة

2- مسائلة ومحاسبة المجرمين قانونياً

3- تعويض المتضررين العادل من نتائج الحرب

4- توسيع دور منظمات العمل المدني في المشاريع الاجتماعية

5- تشكيل الأحزاب السياسية لنقل الصراع من عسكري الى سياسي

 

في الختام ..

أودُ الإشارة في ختام هذا التقرير الذي تم اعداده بناء على المعالجة الإحصائية المبسطة للبيانات, التي تم جمعها عبر الإنترنت بين السوريين على تنوعهم الذي يعكس تنوع السوريين بطبيعتهم, إلى أن هذا العمل هو جهد فردي ( بعد أن حاولت مع الكثير من المؤسسات الحصول على دعم لإطلاق مثل هذا المركز ولكن على مستوى أوسع طيلة السنوات الست الماضية دون فائدة لأنه وكما يبدو ليس هناك من يهتم بقياس الآراء والمواثق ومواجهتها كما هي) بكل معنى الكلمة إن كان بما يخص وضع الإستبيان الى ترويجه عبر الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء على صفحاتهم وكذلك فيما يتعلق بجمع ومعالجة البيانات وتبويبها حتى الإنتهاء من كتابة التقرير. وبهذه المناسبة أتقدم بالشكر الى كل من ساهم بترويج الإستبيان والتفاعل معه بالرغم من العقبات والعوائق التي حاولت تذليلها قدر المستطاع حسب الإمكانيات البسيطة جداً التي أملكها والتي تقتصر على جهاز كومبيوتر محمول وبرامج تعود ملكيتها لمركزي المسجل أصولاً باسمي اضافة لجهدي ووقتي ومعرفتي.

مع انتهاء العمل بهذا الإستبيان سأقوم بوضع استبيانات لاحقة  أملاً أن تصل الى عدد أكبر من السوريين الذين أرجو أن يتفاعلوا معها لأننا وبقدر مانستطيع الوصول الى عدد أكبر نستطيع تلمس النبض بكشل أدق وعكس صورة أصدق عن أراء السوريين ومواقفهم واتجاهاتهم.

وأخيراُ وأنا إذ أضع هذا العمل المتواضع بين أيدي المهتمين أرجو أن تساعد بياناته ونتائجه على التعرف على الملامح الرئيسية لنبض الشارع السوري والتي تُسقط الكثير من الإدعاءات والشعارات التي تحاول ايهام الرأي العام بحقيقة الوضع ومواقف السوريين وذلك إن كان من هذا أو ذلك الطرف الذين يخوضون صراعاً على السلطة على حساب السوريين الذين دفعوا الكثير والكثير من دمائهم و ممتلكاتهم وأمنهم واستقرارهم وبالدرجة الأولى مستقبلهم ومستقبل أجيانا القادمة ثمناً له.

بسام عويل

حرر بتاريخ 13 أيار 2017