دمى بدلاً من الممثلين في مسلسل عبر «يوتيوب»:

دمى بدلاً من الممثلين في مسلسل عبر «يوتيوب»:
«يوميات دكتاتور صغير» ينتقد الوضع الأمني السوري

  صحيفة “السفير”: ترجمة: جنان جمعاوي

الدمى في المسلسل
يصدح صوت السوط على ظهر السجين، فيما يصرخ الجلاد ذو الشاربين، بضحيته مسائلاً: «تريد الحرية؟ ها الحرية؟ أي حرية تريد؟» يئن السجين وجعاً، ثم يجيب: «الحرية التي أتوق إليها هي تلك التي تجعلني أنا مع أولادي وأنت مع عائلتك».
لا يفهم الجلاد، فينهال بالسوط مجدداً على جسد ضحيته، صارخاً: «أيها اللعين.. أنا هنا بسببك أنت». هنا ينتصر السجين لنفسه قائلاً «أنت هنا لأنك لست حراً. انت سجين مثلي تماماً. أنا سأغادر هذا المكان خلال شهر او اثنين. أما أنت فستبقى هنا، لأنك تخاف أن تأخذ حريتك».
هو حوار يفسّر لماذا لقي مسلسل من 15 حلقة من الشرائط المصوّرة التي بُثَّت على «يوتيوب»، تحت عنوان «الأحمق الكبير: يوميات دكتاتور صغير»، نجاحاً كبيراً.
لا ممثلين في المسلسل. فقط دمى تحرّكها الخيوط والأصـابع، تنتقد ما آل إليه الوضع الأمـني في سوريا.
منذ إطلاقه قبل أسبوعين، استقطب «الأحمق الكبير: يوميات دكتاتور صغير» ما يقارب 40 ألف مشاهد، وأثار زوبعة من التعليقات المشيدة والمنتقدة في آن.
لا يقبل المسلسل باللون الرمادي، يقول الأشياء بأسمائها، إما أبيض وإما أسود، كما يراها فريق «مصاصة متة» الدرامي.
في كل حلقات المسلسل، يبدو «الشبيح» ضحية النظام، في حين أن المتظاهر هو الشخصية التي تجسّد «القوة»، وخاصة عندما يقول «أنا سوري حر يرفض الذل».
يقول جميل، مدير «مصاصة متة» لصحيفة «غلوبال بوست» انه «استقى الفكرة من حوار حدث في الواقع، ولكن بطريقة معكوسة»، موضحاً «كان صديقــنا في السجن، وسمع المحقق يقول لسجين: لماذا تقوم بذلك؟ أنتم تجبروننا على البقاء هنا»، ليخلص جميل إلى «أننا أردنا أن نقول إن الشبيحة يساقون كعبيد يخدمون النظام».
يضم فريق «مصاصة متة» عشرة فنانين من سوريا، وهدف المسلسل «هو انتقاد ما يجري وإظهاره إلى الرأي العام باستخدام «تقليد محبب في مجال الكوميديا السوداء».
ويقول جميل «الكوميديا تعرّي المستور وتمنحك القوة لتقاتل. بالطبع مع الكوميديا السوداء، تختنق الضحكة في الحلق. تضحك وتبكي في آن»، ثم يستدرك «لكننا لن نسمح بتحويلنا إلى ضحايا تكتفي بالبكاء والاختباء في المنازل».
لا يفلت الرئيس السوري بشار الأسد من انتقادات «مصاصة متة». ففي إحدى حلقات المسلسل وعنوانها «كوابيس بيشو» يتــأرجح الأسد بين شخصية «طفل يعاني من قصور في الانتـباه، وبين الاوتوقراطي المدلل، الذي يحرس نومه… شبيح». بلحظة ما، يستيقظ «بيشو» مرعوبا، ويقول «النظام سقط»، فيطلق الشبيح النار عشوائياً، قبل أن يصرخ الأسد في وجهه «أيها الشبيح الأحمق.. هذا في أحلامي فقط!»
ليست كل التعليقات التي كتبت على صفحة الفريق على «فايسبوك» تشيد بجرأة الفريق، أو تستحسن العمل الدرامي، ثمة تعليقات تنطوي على تهديدات لأعضاء الفريق وأسرهم.
تفادياً لمثل هذه التهديدات تحديداً، آثر فريق «مصاصة متة» إنتاج مسلسل مصوّر أبطاله من الدمى، التي صممت في سوريا، قبل أن ترسل إلى دولة مجاورة كان عضوان من الفريق قد هربا إليها بعدما شاركا في التظاهرات المطالبة بالحرية في سوريا. وهناك انضم إليهما جميل وقاموا بتصوير المسلسل.
في حديث مع صحيفة «لوس انجلس تايمز»، روى جميل كيف هرّب الدمى عبر الحدود، بعدما «موّه» الدمية «بيشو» حيث ألبسها شعراً بنياً مستعاراً وألصق لها شاربين كبيرين ودثّرها برداء واسع.
وأكّد جميل أن المعارضة ستلقى، في حلقات لاحقة من المسلسل، نصيبها من الانتقاد، بسبب خطابها «المكرر».
هي «مأساة» تعيشها سوريا، وأفضل ردّ بحسب فريق «مصاصة متة»، هو «الكوميديا.. لأن الثورة السورية هي ثورة للحياة.. لا الموت»، حسبما قال جميل.