وقالت الشبكة”شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات متتالية وشديدة الخطورة بعدما أقدمت السلطات الثلاث كل منها على حدا على اتخاذ خطوات عدائية جديدة تعيق ممارسة حق الرأي والتعبير الذي يكفله الدستور المصري”.
وكان مجلس النواب قد وافق خلال جلسته المنعقدة يوم الأحد 7 مايو الجاري، على مشروع القانون المعروف إعلاميا بـ”قانون الرياضة” الذي يتضمن 96 مادة تخص الهيئات الرياضية وإنشاء الروابط الرياضية، وإشهار الأندية والاستثمار الرياضي، وروابط المشجعين .
ويسعى القانون لاستعادة عقوبة الحبس في قضايا السب والقذف- والتي جرى إلغاؤها من قانون العقوبات عام 2006-عبر بوابة خلفية. حيث تعاقب المادة 85 من القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب أو قذف أو أهان بالقول أو الصياح أو الإشارة شخصا طبيعيا أو اعتباريا بأى وسيلة من وسائل الجهر والعلانية فى أثناء أو بمناسبة النشاط الرياضى، وتضاعف العقوبة إذا وقعت الأفعال السابقة على إحدى الجهات أو الهيئات المشاركة فى تأمين النشاط الرياضى أو أحد العاملين به.
ولم ينس البرلمان إضافة تعبيرات مثل “الحض على الكراهية” والتمييز العنصري” في محاولة لتمرير القانون دون اعتراضات من منظمات حقوق الإنسان.
ويسعى القانون فعليا لحل روابط مشجعي الأندية (الألتراس) وكتم صوتها أو السيطرة عليها. إذ نصت المادة 91 على معاقبة كل من أنشأ أو نظم روابط رياضية بالمخالفة للنظم الأساسية للهيئات الرياضية وفقا لأحكام هذا القانون بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى ألف جنيه، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه إذا باشر أي من المنتمين لهذه الكيانات نشاطا يعبر عن وجودها أو ينشر أفكارها بأية صورة كانت.
ولطالما سعت الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير لتكميم صوت روابط الألتراس على خلفية دورها المباشر في الثورة ومطالبها المتكررة بوقف اعتداءات قوات الشرطة على المشجعين، وصولا إلى ما وقع من أحداث دامية راح ضحيتها المئات من المشجعين من قبيل ما يعرف إعلاميا بأحداث بورسعيد وأحداث استاد الدفاع الجوي.
ومن ناحية أخرى، تقدم رئيس لجنة الدفاع بالمجلس بمشروع قانون بتعديل المادتين 179 و 184 من قانون العقوبات، وهي المواد الخاصة بما يسمى بتهمة “إهانة رئيس الجمهورية” و”إهانة مجلس النواب” أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة أو أى “رمز” من رموز الدولة المصرية.
وتشكل التعديلات المقترحة تراجعا عن التعديل الذي أدخله الرئيس المؤقت عدلي منصور في 5 أغسطس 2013 على القانون متضمنا إلغاء عقوبة الحبس على إهانة رئيس الجمهورية، كما أن إضافة عبارة “رمز من رموز الدولة المصرية” لنص المادة يشكل توسعا في التجريم بألفاظ فضفاضة لا يمكن ضبطها ولا يمكن تحديد محل الجريمة فيها بشكل دقيق كما هو مفترض في التشريعات العقابية.
أما فيما يخص السلطة القضائية، فقد تعمدت النيابة العامة توجيه اتهامات لا أساس لها في القانون، أو تهم فضفاضة تخالف الدستور، إلى الصحفيين وأصحاب الرأي، في محاولة لحماية المسؤولين من النقد وكشف الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات الدولة.
فعلى سبيل المثال وجهت النيابة للصحفي طارق جمال حافظ، رئيس القسم القضائي بجريدة الفجر تهمة “خدش الرونق العام للمجلس الأعلى للقضاء بقصد النيل من اعتباره، وتكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالسلطة القضائية عن طريق نشر أخبار كاذبة، و تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات” على خلفية نشره تقارير صحفية عن تعيينات في النيابة العامة شملت أبناء وأقارب القضاة والقيادات الأمنية.
وفي سياق متصل، كشفت صورة محضر ضبط الناشط أيمن حجازي عن عداء السلطة التنفيذية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وتلفيق المحاضر لهم بصورة كيدية .
فطبقًا لما سطره ضابط الشرطة بالمحضر، فإنه وأثناء مروره مستقلا سيارة الشرطة تمكن من ضبط حجازي أثناء استخدامه “فيسبوك” لتحريض المواطنين ضد النظام، و بالفحص تبين أن الناشط يؤيد محمد البرادعي النائب السابق لرئيس الجمهورية وآية حجازي مؤسسة جمعية بلادي لرعاية أطفال الشوارع، وقال الضابط في محضره أنه بمواجهة المتهم “اعترف إنه أحد مصابي الثورة” وكأن ذلك جريمة تستوجب العقاب بدلا من أن تكون مبعث فخر وتقدير!
وترى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن” تلك الوقائع تمثل قرائن واضحة على أن السلطات الثلاثة في مصر باتت بعيدة جدا عن دولة المؤسسات وسيادة القانون القائمة على استقلال السلطات والتوازن بينها ورقابة كل منهما على الأخرى، خاصة بعدما سيطرت السلطة التنفيذية بالفعل على كل من السلطة التشريعية والقضائية ودفعت إياهما إلى قمع كل أشكال التعبير عن الرأي من قول أو تعبير فني أو احتجاج سلمي”.