محمود معروف
الرباط ـ ‘القدس العربي’:
قررت النيابة العامة بمدينة الدار البيضاء محاكمة صحافيين مغربين بتهمة نشر اخبار زائفة وحددت نهاية الشهر الجاري موعدا لاولى جلساتها فيما اعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن قلقهعا من سلسلة التحقيقات المارثونية التي يتعرض لها الصحافيون.
ووجه الوكيل العام (النائب العام) للقطب الجنحي بعين السبع بالدار البيضاء تهمة نشر أخبار زائفة إلى مدير نشر ‘المشعل’ إدريس شحتان ورئيس تحريرها عبد العزيز كوكاس على خلفية لائحة تضمنها مقال حول ولاة وعمال (محافظين) لهم ارتباطات بحزب الأصالة والمعاصرة الذي اسسه فؤاد عالي الهمة الوزير السابق بالداخلية وصديق الملك محمد السادس.
وقال إدريس شحتان إنه غادر المحكمة على الساعة العاشرة ليلا دون ان يتناول وجبة الإفطار بعد ان أمضى أكثر من خمس ساعات، عاد الوكيل العام ليطرح عليه نفس أسئلة المحققين في الشرطة.
واستدعى الوكيل العام بعد ظهر يوم السبت على عجل الصحافي شحتان الذي عاد من طريقه الى مراكش لقضاء عطلة الاسبوع رفقة عائلته، وبعد التحقيق معه وجهت إليه تهمة ‘نشر أخبار زائفة’ ومتابعته بحالة سراح بالفصل 42 من قانون الصحافة الذي ينص ‘يعاقب بحبس من شهر إلى سنة واحدة وبغرامة من 1.200 إلى 100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يقوم بسوء نية بأية وسيلة لاسيما بالوسائل المنصوص عليها في الفصل 38 بنشر أو إذاعة أو نقل نبإ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس.
ويعاقب عن نفس الأفعال بحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وبغرامة من 1.200 إلى 100.000 درهم إذا كان للنشر أو الإذاعة أو النقل التأثير على انضباط أو معنوية الجيوش.’
وتساءل ادريس شحتان الذي من المقرر ان يقف وزميله كوكاس امام محكمة عين السبع بالدار البيضاء يوم 29 اب/اغسطس الجاري، عن الفزع الذي يمكن ان يثيره تقرير تضمن مواقف وتصريحات زعماء احزاب تحدثوا فيها عن علاقة ولاة وعمال بحزب الاصالة والمعاصرة ودورهم في التدخل لصالح الحزب في انتخابات جرت 2009.
وتاتي متابعة ادرييس شحتان وعبد العزيز كوكاس بناء على طلب وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي من زميله وزير العدل محمد الطيب الناصري، باجراء بحث قضائي حول ما نشرته المشعل حول اتهام العمال والولاة كما طلب فيما بعد إجراء بحث قضائي حول ما نشرته أسبوعية (الأسبوع الصحافي) بشأن ‘قيام بعض الجهات بالتدخل في تعيين عدد من الولاة والعمال في مراكز المسؤولية بالإدارة الترابية والمركزية’ في اشارة لدور الهمة في اختيار الولاة والعمال.
واعرب مسؤولون بحزب الاصالة والمعاصرة عن امتعاضهم لمتابعة الصحافيين على خلفية نشر هذه التقارير وقالوا ان المتابعة يجب ان تكون لزعماء الاحزاب السياسية الذين وجهوا اصابع الاتهام لهؤلاء الولاة والعمال وللحزب.
وطالب حزب العدالة والتنمية الاصولي المعارض وحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساريان المشاركان بالحكومة بابعاد ولاة وعمال كاجراء، الى جانب اجراءات اخرى، لضمان نزاهة انتخابات تشريعية سابقة لاوانها يتوقع اجراءها خلال الاسابيع القادمة.
وأدانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية ‘بشدة المتابعات والاستنطاقات’ التي خضع لها صحافيون، مطالبة بوقفها واستعرض بلاغ للنقابة ارسل لـ’القدس العربي’ امس الاحد وقائع متابعة إدريس شحتان، عبد العزيز كوكاس واستدعاء مدير أسبوعية (الأسبوع الصحافي)، مصطفى العلوي، على إثر ما تم نشره بخصوص تدخل بعض الجهات في تعيين ولاة وعمال.
وأشارت النقابة إلى أنها ‘تابعت بقلق شديد مسلسل الإستنطاقات الماراطونية الذي خضع له كل من شحتان وكوكاس’، معتبرة أن ‘المسطرة المتبعة في الإستنطاقات، هي بمثابة اعتقال مقنع’.
وحملت النقابة ‘المسؤولية للحكومة المغربية، التي حركت هذه الملفات، في تناقض واضح مع مبادئ الدستور الجديد’.
وأشارت إلى أنها ستوجه رسائل إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإلى رئيس الحكومة، ووزراء العدل والداخلية والإتصال، ‘ليتحملوا مسؤوليتهم تجاه هذه الإنتهاكات’.
ودعت النقابة مختلف الهيئات الحقوقية والسياسية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إلى ‘الوقوف في وجه هذه الخروقات الواضحة لحرية الصحافة ولحقوق الإنسان’.
وقال توفيق بوعشرين رئيس تحرير يومية اخبار اليوم ان الصحافيين اصبحوا ‘الحائط القصير’ الذي يقفز فوقه الجميع بلا خوف او تردد اذ اصبح جر الصحافيين الى التحقيق وسيلة يبعث من خلالها السياسيون الرسائل الى بعضهم.
واضاف بوعشرين انه عوض ان يتحدث وزير الداخلية مع زعماء الاحزاب ويطلب منهم التوقف عن اتهام العمال والولاة او اظهار ما بحوزتهم من ادلة، تفضل وزارة الداخلية التحقيق مع ‘المشعل’ و’الاسبوع الصحافي’.
من جهة اخرى تحدث تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود عن اعتداءات ضد مدونين وصحافيين مغاربة تقول انهم تعرضوا لها ‘أثناء مظاهرات مؤيدة للديمقراطية’.
وتضمن التقرير الذي حمل عنوان ‘ربيع العرب مستمر والقمع أيضا’ اسماء مدونين وصحافيين مغاربة تعرضوا مؤخرا للضرب والتهديد من قوات الامن أثناء تغطيتهم لمسيرات ’20 فبراير’ في كل من اكادير والدار البيضاء وكلميم.
ولعب المدونون المغاربة دورا مهما في نقل صورة الحراك المغربي الى العالم عبر فيديوهات تبث اسبوعيا للمسيرات والوقفات في موقع يوتوب وتتداول بشكل كبير في المواقع الاجتماعية وتنشر في كبريات المواقع المغربية.