بعد استقالة بلال فضل، ها هو الإعلامي المحبوب يعلن مباشرة على الهواء مغادرته المحطة التي انطلقت من رحم الثورة المصرية. ما هي الأسباب؟ وماذا بعد هذه الخطوة؟ وهل من استقالات أخرى؟
محمد عبد الرحمن
جريدة الاخبار
القاهرة | ماذا يحدث في قناة «التحرير»؟ سؤال طرحه قسم من المصريين بعد المفاجأة التي فجرها محمود سعد أول من أمس عندما قدّم استقالته من القناة على الهواء مباشرة. وبذلك ينضم الإعلامي الشهير والمحبوب إلى الكاتب والسيناريست بلال فضل الذي انسحب قبل أسبوعَين من المحطة نفسها. محمود سعد رفض الإفصاح عن سبب مغادرته القناة، وأكد أنه يتّفق مع بلال فضل على رؤية موحّدة بشأن ضرورة الابتعاد عن المحطة. أما مدير «التحرير» أحمد أبو هيبة، فلم يدلِ بأي تعليق على هذا الأمر. وقد جاءت هذه الاستقالة بعد نهاية حلقة، أطل فيها عبد الحكيم جمال عبد الناصر، ابن الرئيس المصري الراحل، في الذكرى الـ41 على رحيله. وأعلن الإعلامي المصري أنه كان سيستقيل قبل أسبوع، لكن هذه الحلقة تحديداً جعلته يؤجل قراره أسبوعاً كاملاً.
وانقسم الشارع المصري بين مؤيّد لقرار محمود سعد ومعارض له. ورأى الغاضبون أن ما يحصل في قناة «التحرير» هو خيبة أمل، وخصوصاً أن المحطة انطلقت من رحم الثورة المصرية، وكان من المفترض أن تكون لسان حالها، في مواجهة قنوات «الفلول». وبالفعل نجحت «التحرير» في الصمود في وجه كل الأزمات، وها هي تتوسع حالياً. أما المهللون لاستقالة سعد، فشمتوا بالقناة التي يطلقون عليها اسم «التحريض» بدل «التحرير»، بسبب انحيازها الدائم إلى استمرار التظاهرات في الميدان. وبين هؤلاء فئة ترى أن شعبية محمود سعد نفسه تراجعت، وخصوصاً بعد إعلان الأجر الذي كان يتقاضاه من «التلفزيون المصري» قبل الثورة، وهو مبلغ يتجاوز نصف مليون دولار سنوياً. إلا أن مصادر عدة أكّدت لـ«الأخبار» أن استقالة سعد غير مرتبطة بشعبية برنامجه «في الميدان» الذي كان يقدّمه مداورةً مع إبراهيم عيسى، وعمرو الليثي، وبلال فضل. بل إنّ السبب يكمن في أنّ القناة تشهد حالة من التخبط الإداري والانهيار المالي. وهو الأمر الذي حال دون احتلالها مكانة متقدّمة بين القنوات المصرية الجديدة؛ إذ احتلّت «التحرير» المركز التاسع عشر بين القنوات الأكثر مشاهدة في رمضان. إلا أن هذا التحليل يتناقض مع سيناريو آخر يقول إن انسحاب بلال وسعد وقريباً عمرو الليثي جاء احتجاجاً على جهات ستشارك في تمويل القناة. وكان البعض قد أشاع أن الفضائية تتلقى تمويلاً من قطر. إلا أن ما يتهامسه العاملون في المحطة عن التأخّر في دفع رواتبهم يؤكد أن هناك علامات استفهام عدة حول الوضع المالي لـ«التحرير».ويتردد أن الفترة المقبلة ستشهد دخول شركاء جدد وتغييراً شاملاً في الإدارة التي يسيطر عليها الشريكان أحمد أبو هيبة ومحمد مراد، وذلك لمصلحة الشريك الثالث إبراهيم عيسى الذي يتوقع أن ينفرد بإدارة القناة. وفي حال رفض الشريكَين الأوّلَين هذا الواقع، قد يختار إبراهيم عيسى الانسحاب أيضاً، وبالتالي ستفقد المحطة وجهها الأوّل. والمفارقة أن انسحاب بلال وسعد جاء رغم العلاقة القوية التي تربطهما بإبراهيم عيسى الذي يحرص دائماً على الفصل التام بين مشاركته في قناة «التحرير»، وإصداره لجريدة «التحرير».
والمفارقة الأخيرة أن كل هذه الأزمات تأتي بعد أسبوع واحد من انضمام الإعلامي المخضرم حمدي قنديل إلى القناة، وهي الخطوة التي ظن كثيرون أنها ستدعم الشاشة جماهيرياً. وعلمت «الأخبار» أن عودة قنديل إلى المشهد الإعلامي المصري، جذبت إليه العروض. هكذا عرض عليه أحمد بهجت مالك قناة «دريم» ونجيب ساويرس مالك قناة «أون تي» مغادرة «التحرير» والانضمام إليهما. وإن حصل ذلك، فإن هذه الخطوة ستكون الحاسمة في مسيرة هذه الفضائية.