على من تقع صلاحيات البت بموضوع المواقع الإلكترونية؟
صحيفة “السفير”: سالم زهران
ما إن أعلن رئيس «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» عبد الهادي محفوظ في مؤتمره الصحافي مؤخرا عن فتح سجل علم وخبر للمواقع الإلكترونية، حتى توالت الانتقادات والاعتراضات من قبل بعض الجهات الإعلامية والسياسية. إلا أن الاعتراض الأبرز جاء من وزير الإعلام وليد الداعوق الذي عبر عن عدم شرعية خطوة المجلس الوطني للإعلام. فما كان من المجلس إلا أن ردَ في اليوم التالي ببيان على ردَ المعترضين من دون أن يسميهم، محدداً الاول من تشرين الثاني موعداً لتلقي طلبات العلم والخبر لتوثيقها في السجل الخاص. فماذا يقول لـ«السفير» عضو المجلس الوطني غالب قنديل حول الموضوع؟ وما هو رد وزير الإعلام وليد الداعوق؟ وهل من رأي تقني وقانوني حول تسجيل المواقع الإلكترونية؟
يؤكد عضو المجلس غالب قنديل أن الأجواء بين الوزير والمجلس إيجابية، ولا يوجد خلاف كما أشاعت بعض وسائل الإعلام. ويكشف عن لقاء جمع في وقت سابق وفدا من المجلس الوطني ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الإعلام وليد الداعوق، وتم فيه الاتفاق على تطبيق القوانين والأنظمة السارية، إلى حين سن تشريعات جديدة أو تعديلها، مع وعد من الرئيس ميقاتي بالعمل على تعديل القوانين نحو توسيع صلاحيات المجلس الوطني.
وحول قرار المجلس الوطني بفتح سجل خاص بالمواقع الإلكترونية، يصر قنديل على شرعية الخطوة، مستنداً الى المادة الرابعة من قانون الإعلام المرئي والمسموع التي نصت على: «يقصد بالاعلام المرئي والمسموع كل عملية بث تلفزيوني أو إذاعي تضع بتصرف الجمهور أو بتصرف فئات معينة منه، إشارات أو صورا أو أصواتا أو كتابات من أي نوع كان لا تتصف بطابع المراسلات الخاصة، وذلك بواسطة القنوات والموجات وأجهزة البث والشبكات وغيرها من تقنيات ووسائل وأساليب البث أو النقل او البث البصرية أو السمعية».
ورأى أن هذا النص يضع فئات الإعلام الإلكتروني، ضمن نطاق مسؤوليات المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع.
من جهته أمل وزير الإعلام وليد الداعوق في حديث لـ«السفير»، لو انتظر المجلس الوطني لحين استكمال المناقشات الجارية حول القانون الجديد للاعلام الإلكتروني، داخل لجنة الإعلام النيابية التي شارفت على الانتهاء من مناقشة قانون عصري للإعلام، يلحظ كل تلك الثغرات، ويُسد الفراغ والتناقض بين القوانين المرعية الإجراء.
وحول استناد المجلس الوطني للإعلام الى المادة الرابعة من قانون الإعلام المرئي والمسموع، يعلق الوزير الداعوق بقوله: «إنه مجرد اجتهاد قانوني تقابله اجتهادات أخرى لا توافقه الرأي. وتلك الصلاحيات مناطة بالوزارة، وليس بالمجلس الذي يحمل صفة استشارية بحتة لا تخوله القيام بأي خطوات إجرائية، التي هي من مهام وصلاحيات وزارة الإعلام، ومن بعدها مجلس الوزراء حصراً».
وأكد على حل الخلاف مع المجلس الوطني للإعلام داخل الغرف المغلقة، وبعيداً عن السجالات عبر وسائل الإعلام.
الرأي التقني: المواقع لا تضبطها الدولة
أما من الناحية التقنية، فيقول المبرمج الإلكتروني المهندس طارق العس لـ«السفير»: «يستحيل تقنياً على الدولة اللبنانية بكل أجهزتها سواء المجلس الوطني للإعلام أو وزارة الإعلام ضبط المواقع الإلكترونية والتحكم بها وتسجيلها».
ويضيف: «يمكن لأي شخص يسكن في جرود الهرمل (على سبيل المثال) أن يشتري بواسطة بطاقات الائتمان موقعاً إلكترونياً من «سيرفير» (مشغل) في الولايات المتحدة الأميركية، باشتراك سنوي لا يتجاوز مئة دولار، وأن يحجز ويسجل باسمه موقعاً إلكترونياً بما يقارب أربعة عشر دولارا تدفع لمرة واحدة، ويحمل عليه كل ما يشاء من أخبار وصور، من دون أن يمر عبر الوسائط اللبنانية،.بل من دون أن يكون للدولة اللبنانية وأجهزتها الرسمية القدرة على السماح أو المنع. فالـ «دوت.كوم» تتحكم بها «سيرفرات» موجودة في الولايات المتحدة الأميركية، ووحدها صاحبة السلطة والقدرة على التحكم بها، والسماح باستخدامها أو منعه، بل وحدها القادرة على التحكم في مرحلة ما بعد البيع، سواء بالمنع او الحجب عن الشبكة العنكبوتية».
ويذهب العس الى حدَ تأكيده إمكانية حجز وتشغيل موقع عبر الأراضي اللبنانية، وفي مبنى ملاصق لوزارة الإعلام على سبيل المثال، في وقت يبدو فيه للمراقب كما لو أنه يشغّله في أميركا أو غيرها.
من جهته يرى المستشار القانوني «لمركز الارتكاز الإعلامي» والخبير في «حقوق الملكية الفكرية» هملقارت عطايا: «أن أسماء المجال أو domain names هي من مكونات حقوق الملكية الفكرية. وعند تأسيس أي موقع الكتروني أنت بحاجة الى اسم للموقع يستعمل في العالم الافتراضي كاسم مجال تمارس عبره النشاط المطلوب».
ويضيف: «في كل دولة تحفظ سجلات وطنية بأسماء المجال المحلية وتتميز كل دولة عن الأخرى برمز معين متفق عليه دولياً. في لبنان يسجل الموقع دوت كوم دوت ال.بي».
ويأسف عطايا لأنه «بعكس دول العام ولأسباب مجهولة توكل الإدارة اللبنانية مهمة تسجيل أسماء المجال لموظف في ملاك الجامعة الأميركية، وتكتفي مصلحة حماية الملكية الفكرية لدى وزارة الاقتصاد والتجارة بتسجيل علامة فارقة مطابقة لاسم المجال».
ويرى أن الحل هو في «تشريع وطني ينص على حصرية تسجيل أسماء المجال لدى ملاك وزارة الاقتصاد ووضع رسوم حكومية على ذلك، وحفظ سجلات واضحة وعلنية أسوة بكل تشريعات العالم وربط اختصاص القضاء اللبناني بكل النزاعات الناشئة عنها، وتعديل قواعد الإثبات القضائية لتتماشى مع هذا التطور، ومصادرة وإلغاء كافة السجلات التي تحتوي على بيانات مواطنين لبنانيين لدى جهات غير رسمية».
وحول خطوة المجلس الوطني للإعلام في ما خص المواقع الإلكترونية، يؤكد عطايا «أن المجلس الوطني أولى من الجامعة الأميركية في بيروت التي تحفظ هذه السجلات وتنظمها، في ما خص «دوت كوم دوت ال.بي». أما المواقع التي تنتهي بدوت كوم، فلا يمكن لأي سلطة لبنانية وضعها تحت إدارتها، فهي تخضع للمشغل الأجنبي».
وهكذا، يبدو أن كلا من الوزارة والمجلس الوطني لا يدركان أنهما لا يمتلكان سلطة التحكم بالمواقع الالكترونية، سواء التي تنتهي بـ«دوت كوم دوت ال. بي» لأنها موضوعة بتصرف الجامعة الأميركية في بيروت، أو بـ«دوت كوم» لأنه يتحكم بها المشغل الأميركي وحده!