السادة قادة الدول العربية المحترمون
السادة رؤساء الوفود المحترمون
السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية المحترم
أصدر مجلس وزراء الإعلام العرب في اجتماعه الاستثنائي يوم 12 فبراير/ شباط 2008 و الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية وثيقة “مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية” و على الرغم من قيام العديد من الإعلاميين و المنظمات المدنية العربية المعنية بحماية حرية التعبير بإدانة هذه الوثيقة لما تحمله من خطر على حرية التعبير في المنطقة العربية إلا أن مجلس وزراء الإعلام العرب لم يستجب لجميع النداءات التي ناشدته إعادة النظر في الوثيقة .
إننا في المركز السوري للإعلام و حرية التعبير إذ نستغل انعقاد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة لنتمنى عليكم إعادة النظر في هذه الوثيقة – التي تم إقرارها دون مناقشة أو مشاركة أي من أصحاب العلاقة الذين تمسهم هذه الوثيقة أو أي من هيئات المجتمع المدني العربية المعنية بحرية التعبير عن الرأي – لما تحتويه من انتهاكات مشينة على الحق في حرية التعبير و الاعتقاد الذي لا يعلو عليه إلا الحق في الحياة وذلك وفقا لما تضمنته البنود المكونة لها و التي نورد منها على سبيل المثال لا الحصر :
ـ البند الرابع
المادة الخامسة : (عدم التأثير سلبا على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة)
من المؤكد أن أي مواطن عاقل له مصلحة حقيقية في القيم التي ذكرتها الفقرة السابقة لكن عملية تدقيق و محاكمة موضوعية للتجارب السابقة والمتراكمة تثبت بشكل عام توظيف السلطات لهذه المصطلحات لصياغة مواد قانونية مطاطة حمالة أوجه متعددة تسمح بالشيء ونقيضه أحيانا من أجل تقييد حرية التعبير و معاقبة أصحاب الآراء المخالفة . إن تعويم هذه المصطلحات كما وردت في الوثيقة تجعلنا نشعر أننا مرة أخرى أمام “كلام حق يراد به باطل” ، يسمح باستغلال بنود هذه الوثيقة الجديدة للتضييق على حرية الإعلام الفضائي المستهدف.و هذا أيضا ينطبق على ما جاء المواد ( 9- 10 في البند السادس ) و ( 3 – 4 في البند السابع )
ـ البند الخامس
المادة الأولى : (الالتزام باحترام حرية التعبير بوصفها ركيزة أساسية من ركائز العامل الإعلامي العربي على أن تمارس هذه الحرية بالوعي والمسؤولية بما من شأنه حماية المصالح العليا للدول العربية وللوطن العربي واحترام حريات الآخرين وحقوقهم، والالتزام بأخلاقيات مهنة الإعلام)
صحيح أن الفقرة تمجد حرية التعبير لكنها تضع شروطا وضوابط لممارستها تربطها يشكل مبهم بالوعي و المسؤولية . إن مقاربة الوعي والمسؤولية في حرية التعبير الواردة في الوثيقة توجب التساؤل، عمن سيحدد الوعي والمسؤولية وحدودهما ومواصفاتهما، هل سيوكل الأمر إلى مجلس من المفكرين أو القضاة أو المحكمين أو أساتذة الفلسفة والمنطق والسياسة و الإعلام للاتفاق على صياغة واضحة لا لبس فيها. أم أن الوزراء أنفسهم الذين أقروا الوثيقة سيحدد كل منهم في بلده معنى كل من الوعي والمسؤولية؟ بالإضافة إلى المقصود من ” المصالح العليا للدول العربية و الوطن العربي”
ـ البند السادس
المادة الثانية : ( احترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور )
من المسلم به أن من يتصدى لمسؤولية عامة أو لمنصب عام إنما يكون قد تنازل بشكل تلقائي عن الخصوصية الشخصية التي يتمتع بها الفرد العادي , مما يجعل سلوكه و نشاطاته محط اهتمام من قبل وسائل الإعلام و بناء عليه فان جميع قواعد السلوك ومواثيق الشرف و الإرشادات التحريرية في أي مجتمع متقدم تنص صراحة على جواز التعرض للحياة الشخصية للأفراد في حال تقاطعت بوضوح مع المصلحة العامة، خصوصا في حال نشأ اعتبار موضوعي واضح للتجاوز على حرمة الحياة الشخصية، عندما يتعلق ذلك بقضايا الفساد والاستغلال وسوء التصرف في الموارد. . . الخ
السادة المحترمون :
إن الحاجة إلى تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية يجب أن لا تتخذ بأي شكل من الأشكال كذريعة من أجل تشديد الخناق على حرية التعبير و التي نفتقدها أساسا في مجتمعاتنا العربية. لقد كنا نأمل من مجلس وزراء الإعلام العرب القيام بخطوات جدية تمهد لتحرير الإعلام من سيطرة الدولة بدلا من اتخاذ جامعة الدول العربية كمنصة للهجوم على حرية التعبير من خلال إضافة مبادئ و قوانين جديدة إلى ترسانة القوانين المقيدة للإعلام المعمول بها في المنطقة العربية حيث لاتزال قوانين 17 دولة عربية تنص على عقوبات مشددة وسالبة للحرية في قضايا الرأي و الصحافة بالإضافة إلى أن الغالبية العظمى من هذه الدول لا توجد فيها قوانين الحق في الحصول على المعلومات حتى الآن.
إن هذه الوثيقة المشينة التي اقرها مجلس وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الاستثنائي تشكل مخالفة صريحة لالتزام الدول العربية الملزم في صيانة حرية التعبير كما جاء في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و الذي صادقت عليه الدول العربية بالإضافة إلى مبادئ جوهانسبرج بشأن حرية التعبير والتي توضح أن مثل هذه القيود على حرية التعبير ليست مشروعة إلا حين “تحمي وجود الدولة أو سلامة أراضيها من استخدام التهديد بالقوة، أو قدرتها على الرد على استخدام القوة أو التهديد بها”.
إننا في المركز السوري للإعلام و حرية التعبير إذ نتمنى عليكم إعادة النظر في هذه الوثيقة المشينة لا يسعنا إلا أن نسجل تقديرنا لموقف دولتي لبنان وقطر في رفضهما للانخراط في الجهد المبذول من أجل السيطرة على الفضائيات في المنطقة العربية و من ورائها جمهورها .
المركز السوري للإعلام و حرية التعبير
مجلس الإدارة
دمشق 28/3/2008