عبر التاريخ، سعى أشخاص شجعان وأصحاب رؤية (حالمون) إلى توسيع حدود حماية حقوق الإنسان لتشمل أولئك الموجودين خارجها . و يمكن لأي شخص، بغض النظر عن مهنته أن يكون مدافعاً عن حقوق الإنسان. بعض المدافعين عن حقوق الإنسان عاملون محترفون في مجال حقوق الإنسان، أو محامون يعملون بشأن قضايا حقوق الإنسان أو صحفيون، أو نقابيون أو عاملون في مجال التنمية.و كذلك المسؤول أو الشرطي أو الشخصية الشهيرة الذي يعمل بحماس على تعزيز احترام حقوق الإنسان يمكن أيضاً أن يكون مدافعاً عن حقوق الإنسان و هم أفراد أو جماعات من الناس أو منظمات تعمل على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها عبر الوسائل السلمية وغير العنيفة ويؤمنون بأن الجميع متساوون في الحقوق.
وغالباً ما يواجه المدافعون الذين يعملون بشأن قضايا حقوق الإنسان التي درجت العادة على إهمالها أو تهميشها عقبات محددة نتيجة لذلك. فالحقوق التي يتمسكون بها قد تكون موضع نزاع أو خلاف، إما لأنها تتحدى المعايير الاجتماعية السائدة أو لأنه ينظر إليها على أنها تشكل تهديداً للنظام السياسي أو الديني أو الاقتصادي القائم.
و قد اعتبرت منظمة العفو الدولية من خلال عملها الطويل أن المنع من السفر يقع ضمن الدرجة الثالثة من التحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان ( المضايقات ) واعتبرتها شائعة على نطاق واسع جداً لدرجة أنها تمر دون الإبلاغ عنها في حالات كثيرة عبر العالم .
( للمدافعين عن حقوق الإنسان حقوق .
المنع من السفر ليس واحدا منها )
لقد أقرت الحكومات في شتى أنحاء العالم بالدور المهم الذي يؤديه المدافعون عن حقوق الإنسان وقدمت التزامات بحمايتهم. وخلال العقد الماضي، وافق المجتمع الدولي على إطار دولي يقر بدور كل شخص في الدفاع عن حقوق الإنسان و هو ما تجسد بإعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان الذي تم اعتماده عشية الذكرى السنوية الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 9 /12/ 1998. وأشار إلى إقرار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن المثل المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يمكن أن تترجم إلى حقيقة واقعة إلا إذا شارك الجميع في تنفيذها واستطاع أولئك الذين يعملون على تعزيزها أن يفعلوا ذلك بعيداً عن التدخلات والعقبات والتخويف والتهديد.
و وفقاً للإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان وغيره من المعايير الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، تخضع الحكومات للمساءلة على أية انتهاكات ترتكب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان على أيدي موظفيها الرسميين، بمن فيهم أفراد قوات الأمن.
وهناك آليات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي تمنح الحماية إلى أولئك الذين يعملون على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم 53/144 الصادر بتاريخ 8/3/1999:
آليات الحماية الوطنية :
بالإضافة إلى التزام الدول بحماية مواطنيها و ضمان حقوقهم وفق مقتضيات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. أشارت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في قرارها إلى وجوب قيام الدول بإنشاء هيئات أو مجالس وطنية لحقوق الإنسان للإسهام الفعال في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وتعمل بصورة مستقلة عن الحكومة و يشار إليها غالباً بالمختصر الإنجليزيNHRIs) ). وقد استجابت 117 دولة و انفردت المملكة السويدية بإنشاء 4 مؤسسات متخصصة. بينما استجابت فقط كل من المغرب, الجزائر, مصر, تونس, موريتانية, الأردن, فلسطين و قطر من بين الدول العربية.
2- آليات الحماية الإقليمية:
اثر إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان في العام 1998 وقرار الجمعية العمومية عام 1999 اعتمدت قارات أفريقيا وأوروبا والأمريكتان آليات إقليمية لمساندة المدافعين عن حقوق الإنسان وحمايتهم في منطقتهم. و لا يوجد في قارة آسيا أو في العالم العربي مثل هذه الهيئات الإقليمية بشكل موحد أو رسمي و على الرغم من إصدار جامعة الدول العربية الميثاق العربي لحقوق الإنسان إلا أنه لا يتضمن آلية للشكاوى الفردية و لم تصادق عليه حتى الآن سوى ست دول ولم يتم تشكيل محكمة عدل عربية للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان وفق ما ينص .
3- آليات الحماية الدولية:
على الرغم من أقرار الحكومات في شتى أنحاء العالم بالدور المهم الذي يؤديه المدافعون عن حقوق الإنسان و تقديم الالتزامات بحمايتهم و تسهيل عملهم و اعتراف الحكومات بأن الجهود التي يبذلها المدافعون عن حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمراقبة والتدقيق وتقديم المقترحات لتحسين الأوضاع لا تتماشى فقط مع واجبات الدولة في التقيد بالقوانين والمعايير المحلية والدولية لحقوق الإنسان، بل تسهم إسهاماً كبيراً في تحقيق هذه الغاية. فان التطبيق العملي لهذه التعهدات و الإقرارات غالبا ما يعاكس مضمونها و مع غياب آليات الحماية على المستوى الوطني أو الإقليمي للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي بشكل عام, تبرز أهمية وجود آليات الحماية الدولية كخط الدفاع الأخير المتاح لدى مدافعي حقوق الإنسان للحد من سيل الانتهاكات التي يواجهونها و جميعها تنبثق عن الأمم المتحدة و هي :
– آليات الخبراء التابعة للإجراءات الخاصة .
– هيئات مراقبة تنفيذ المعاهدات .
– مجلس حقوق الإنسان .
– إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان.
– الممثل الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان.
جميع هذه الآليات يستطيع مدافع حقوق الإنسان اللجوء إليها في حال وقوع انتهاك لأي حق من حقوقه أو تعرضه لمضايقات تعيق أو تمنع أداء عمله بما فيها المنع من السفر.