جعفر بنهاي مخرج ممنوّع من العمل بقرار قضائي إيراني
ثبتت محكمة استئناف إيرانية الحكم على المخرج الإيراني جعفر بناهي بالسجن ست سنوات وبمنعه من إخراج الأفلام طوال عشرين عاما ومن السفر وإجراء المقابلات الصحفية، وكان الحكم الأول بحق "بناهي" في هذه القضية قد صدر في 20 كانون الأول 2010 بعد أن تمّ اعتقاله بشكلٍ تعسّفي في آذار الماضي وطوال أشهر, وقد أعلن "بناهي" وقتها إضراباً مفتوحاً عن الطعام, إلاّ أنّ الإفراج لم يتم حتى شهر حزيران وبكفالة مالية ضخمة رافقها منعه من السفر خارج إيران. وبحسب صحيفة "إيران" الحكومية التي ذكرت في عددها يوم السبت 15/10/2011 أنّ: (التهم التي حكم على أساسها هي القيام بأنشطة مسيئة للأمن القومي, والترويج الدعائي المعادي للنظام), وذالك بعد أن بدأ "بناهي" التحضير لفيلمه الجديد حول الاضطرابات التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد في حزيران/يونيو 2009.
"جعفر بناهي" المولود عام 1960 في ميانه – إيران وينحدر من أصول أذربيجانية يُعتبر أحد أهم مخرجي إيران المعاصرين، درس الإخراج التلفزيوني والسينمائي في طهران وعمل كمساعد مخرج مع المخرج الإيراني الشهير "عباس كيروستامي" في فيلم "أشجار الزيتون" عام 1994. في عام 1995 كان أول تتويج عالمي لأعماله في مهرجان "كان" السينمائي حينما حصل فيلمه ”البالون الأبيض“ على جائزة "الكاميرا الذهبية"، تلاها حصوله عام 1997 على جائزة مهرجان "لوكارنو" عن فيلمه ”المرآة“. في عام 2000 حصول "بناهي" على جائزة "الأسد الذهبي" في مهرجان "البندقية" عن فيلمه ”الدائرة“, وفي عام 2006 حصل على جائزة "الدب الفضي" في مهرجان البرليناله عن فيمله ”أوفسايد“. ذات المهرجان الذي دُعي ليكون عضو لجنة تحكيمه في دورة عام 2010/2011, ولكن لم يستطع الحضور بسبب منعه من السفر, بل أرسل رسالة قرأتها في حفل الافتتاح "إيزابيلا روسيلليني" رئيسة لجنة التحكيم, وتقول:
*- هنا كلمة جعفر بناهي مترجمة إلى العربية نقلاً عن الألمانية عن موقع "البرليناله":
”في عالم صانع السينما يتمازج الحلم والواقع ببعضهما البعض. ويستغل صانع السينما الواقع كينبوع للإلهام، فيرسم الواقع بألوان من نسج خياله. وبهذا ينتج فيلماً يحمل آماله وأحلامه بين طياته ويجعلها مرئية للعالم.
الواقع هو أنني منعت من مزاولة مهنتي كمخرج دون أي محاكمة وذلك منذ خمس سنوات. والآن تمت محاكمتي بشكل رسمي ومنعت للعشرين سنة القادمة من مزاولة هذه المهنة. وعلى الرغم من ذلك سأستمر بخيالي في تحقيق أحلامي وصنع أفلام بهذا الخيال مستوحاة من هذه الأحلام. كصانع أفلام تتناول بالدرجة الأولى قضايا اجتماعية، علي أن أتعامل مع الوضع الجديد، الذي يفرض علي ألا أصوّر مشاكل وهموم الحياة اليومية لأبناء شعبي. إلا أنني لن أتوقف عن الحلم بأن جميع هذه المشاكل بعد عشرين عاماً ستختفي وأنني سأتمكن عندئذ، من إخراج أفلام عن السلام والرفاه الاجتماعي في بلدي.
الحقيقة أنهم يمنعونني ولمدة عشرين عاماً من التفكير والكتابة. لكنهم لن يتمكنوا من منعي من الحلم وستحل الحرية والتفكير الحر مكان الملاحقات. ولعشرين عاماً سيمنعونني من أن أطل على العالم ولكن أتمنى بعد أن أخرج من السجن أن أسافر عبر عالم، تكون قد سقطت فيه الحدود الجغرافية والعرقية والأيديولوجية. عالم يعيش فيه الناس سواسية وبسلام دون الالتفات إلى عقائدهم ومعتقداتهم.
حكم علي بالسكوت لمدة عشرين عاماً ولكن في أحلامي أصرخ باحثاً عن زمن نكون فيه متسامحين مع بعضنا البعض، زمن نحترم فيه آراءنا المختلفة ونعيش واحداً من أجل الأخر. في نهاية الأمر يقضي الحكم علي بأن أقضي ست سنوات وراء القضبان. في السنوات الست القادمة سأعيش مع الأمل، بأن تتحقق أحلامي. أتمنى أن يقوم زملائي المخرجين في كل زاوية من العالم، بإخراج أفلام عظيمة بهذه الفترة بحيث أشعر بالحماس والرغبة في العيش في هذا العالم الذي حلموا به بأعمالهم.
من الآن فصاعداً وللعشرين عاماً القادمة حكم علي بالسكوت. وأجبر بأن لا أرى وأجبر على ألا أفكر. وأجبر على ألا أصنع أفلاماً. سأواجه الواقع والسجن وأتمنى بعد تحريري أن أشاهد أحلامي في أفلامكم : على أمل أن أجد هناك ما سلب مني.“