تقرير: كريمة ادريسي/ اذاعة هولندا العالمية- الصحفي المغربي المعتقل، رشيد نيني واحد من بين الصحفيين الذين فازوا بجائزة القلم هذا الموسم. وهي جائزة تمنحها منظمة أوكسفام نوفيب Oxfam Novib، الفرع الهولندي للمنظمة الدولية Oxfam.
أعلن ليلة أمس أثناء افتتاح مهرجان "ليالي الشتاء" عن أسماء الفائزين بجائزة القلم في نسختها الحادية عشرة، حيث تسلمت الصحفية والناشطة الإيرانية آسيه اميني الجائزة، وكانت الوحيدة الحاضرة من بين المرشحين.
في حديث لإذاعة هولندا العالمية، أشارت يينلي بوشر، من منظمة أوكسفام- نوفيب التي تمنح جائزة القلم: "نبحث كل مرة عن حالات متميزة من دول مختلفة. في المكسيك مثلا هناك العديد من الصحفيين لديهم مشاكل كبيرة جدا، لكننا اخترنا واحدا فقط لنختار آخرين من مناطق مختلفة".
وعلى هذا الأساس كان الصحفي المغربي رشيد نيني واحدا من المختارين لأنه يقبع في السجن حاليا بسبب كتاباته. تأثير الربيع العربي علي انوزلا، رئيس تحرير الموقع الالكتروني لكم.كوم، يشير إلى انه ومع الربيع العربي، نشطت في المغرب صحافة جديدة وهي صحافة الويب سايت، التي تتمتع نوعا ما بهامش اكبر مما نجده في الصحافة المكتوبة من حيث "النقد والتناول الإعلامي الجريء لمواضيع تهم الشأن المغربي الداخلي".
إلا أنها تظل حرية مقيدة "لأن هناك كثيرا من الخطوط الحمراء التي تسيج الحقل الإعلامي المغربي، وهي خطوط غير معروفة وغير مرئية وغير ثابتة، ففي كل يوم تنضاف خطوط حمراء للموجودة، وبالتالي فالصحفي الذي ويمارس الآن الكتابة بجرأة هو كمثل من يتحرك داخل حقل ملغم".
وأمام هذا الوضع، تبرز للسطح ظاهرة ممارسة الرقابة الذاتية، للاحتياط عند تناول مواضيع قد تلامس هذه الخطوط التي تسميها السلطة بالخطوط الحمراء." ويضيف انوزلا في حديث فذاعة هولندا العالمية قائلا إن الآفاق "بالنسبة لنا واضحة. نمارس المهنة بضميرنا أولا وبمهنية ومسؤولية وبالتالي فالسلطة هي التي تجد نفسها في إحراج دائما مع نفسها وأمام الرأي العام الداخلي والرأي العام الخارجي، خاصة وأنها تمارس مضايقات على ما أصبح اليوم حقا عالميا معترفا به وهو الحق في الإخبار والإعلام".
جائزة القلم يينلي بوشر، من المنظمة، توضح أن الجائزة تمنح خصيصا لمن يدافع عن حرية الرأي وحرية الصحافة التي تعتبرها المنظمة من بين حقوق الإنسان الأساسية. وتمنح الجائرة للصحفيين والكتاب والشعراء والناشرين الذين يتعرضون لمشاكل تضيق عليهم الخناق بسبب عملهم. وتقول بوشر انه تبين من الواقع أن عشرات الآلاف يواجهون هذه المشاكل.
بالجائزة هذا الموسم، الى جانب الصحفية الايرانية اسيه اميني، الصحفي الروسي ميخائيل بيكتوف، والمكسيكسي خيوسو ليموس براخاس، والسودانيان، مؤسس صحيفة "أجراس الحرية"، الحاج وراق، ورئيس تحريرها عبد المنعم سليمان، اللذين عبرا عن سعاتهما بالجائزة حين علما بها. اما رشيد نيني، فستبعث جائزته اليه، وهي عبارة عن شهادة تقدير لأعماله وجدارته بالجائزة، ومبلغ مالي قدره 2500 يورو.
رشيد نيني.. المنسي لا يزال رشيد نيني يقبع السجن حيث حكم عليه لسنة نافذة. بتهمة "التشكيك بمؤسسات الدولة وتسفيه مجهودات ادارات الدولة" وتهم أخرى، على خلفية ما كتبه حول طريقة تعاطي السلطات مع الجماعات السلفية والجماعات المتهمة بالإرهاب، وانتقاده لأوضاع السجون، التي اعتبرها "من مخلفات سنوات الرصاص"، في غشارة إلى السنوات التي شهد فيها المغرب توترات سياسية حادة واساليب قمعية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
يقول الصحافي علي أنوزلا، الذي سبق أن عمل مع رشيد نيني في جريدة المساء: "إن ما قامت به المنظمة الهولندية هو إعادة اعتبار لهذا الصحفي الذي رمي به في السجن ونُسي تماما خلف القضبان. بل ان نسيانه تم ايضا حتى من الصحفيين داخل المغرب، ومن طرف المجتمع المدني والسياسي، فلم تلتفت له النقابة الصحفية ولا أي منظمة صحفية بالمغرب للاعتناء به في محنته هذه".
المشهد الاعلامي المغربي شهدت الحريات الإعلامية في المغرب تراجعاً واضحاً في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تصعد السلطة من تضييق الخناق على بعض الأقلام المستقلة، مما أدى إلى إغلاق صحف واعتقال صحفيين واضطرار آخرين إلى مغادرة البلاد. ومن بين هؤلاء، تجدر الاشارة الى الصحفي المغربي بوبكر الجامعي، الذي كان من ابرز الصحفيين المستقلين وكانت له صحيفة اعتبرها كثيرون من اكثر الصحف استقلالية Le Journal hebdomadaire، واغلقت قبل سنين، وغادر الجامعي إلى اسبانيا حيث يقيم حاليا.
ثم الصحفي الممعروف احمد بنشمسي مدير مجموعة تل كيل، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة. وكان وزير الاتصال المغربي خالد الناصري قد تهجم بحدة على بنشمسي متهماً إياه باستغلال "مجال الحرية الذي امتلكته هذه البلاد".
اما الصحفي البارز علي المرابط الذي حكم عليه بعدم ممارسة الصحافة في بلاده لمدة عشر سنوات، فهو اختار الهجرة إلى اسبانيا، حيث يكتب في وسائل الاعلام الاسبانية ولكنه ايضا عاد لقرائه المغاربة عبر موقعه الالكتروني الجديد Demain Online. مع ذلك، فهناك الان كثير من الاقلام والمواقع الصحفية المغربية التي تحاول بما تملكه من امكانات رفع التحدي من خلال رفع سقف حرية الرأي والتعبير وتناول المواضيع التي تعتبرها السلطة محظورة او تضع حولها خطوطا حمراء.