بيان منظمات المجتمع المدني حول جلسة الاستماع المرتقبة لمحكمة النقض الفرنسية بشأن حصانات مسؤولين حكوميين
في الرابع من يوليو/تموز 2025، ستعقد محكمة النقض الفرنسية جلسة استماع تاريخية لتحديد مدى قانونية مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد. تمثل هذه الجلسة لحظة مفصليّة في الكفاح العالمي ضد الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الهجمات بالأسلحة الكيميائية، والتي تعدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تستهدف مذكرة الاعتقال، التي أصدرها قضاة التحقيق الفرنسيون في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بشار الأسد لدوره المزعوم في الهجمات بالأسلحة الكيميائية على مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في أغسطس/آب 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1000 مدني، وإصابة عدد مماثل من المدنيين إصابات خطرة.
أيدت محكمة الاستئناف في باريس هذه المذكرة في يونيو/حزيران 2024، مؤكدةً أن الحصانة الشخصية غير قابلة للتطبيق نظرًا لخطورة الجرائم المزعومة وسلوك المتهم. فقد رأت المحكمة بشكل خاص أن الأسد، عبر هجومه المزعوم على السكان بالأسلحة الكيميائية، لم يتصرف كرئيس دولة، وبالتالي أسقط عن نفسه امتياز الحصانة الشخصية.
تنطبق الحصانة الشخصية عادةً على رؤساء الدول وغيرهم من مسؤولي الدولة رفيعي المستوى أمام المحاكم المحلية الأجنبية عن أي أعمال يقومون بها أثناء توليهم مناصبهم. ويتوقف تطبيقها بمجرد انتهاء ولايتهم. وعلى النقيض من ذلك، تنطبق الحصانة الوظيفية على مختلف المسؤولين الحكوميين عن الأعمال التي يقومون بها بصفتهم الرسمية. ويستمر تطبيقها حتى بعد توقفهم عن تمثيل الدولة.
تعد هذه القضية سابقة هي الأولى من نوعها خلال الثمانين عامًا الماضية التي تُصدر فيها محكمة وطنية في أي مكان في العالم مذكرة توقيف تستهدف رئيس دولة أثناء ولايته بتهم تتعلق بجرائم يعاقب عليها القانون الدولي. وتتحدى هذه القضية التفسير التقليدي للحصانة الشخصية بموجب القانون الدولي، لا سيما عندما يتم التذرع بالحصانة لحماية أفراد من المساءلة عن فظائع جماعية.
بعد صدور مذكرة الاعتقال وتأكيدها لاحقًا، سقط النظام السوري ولم يعد بشار الأسد رئيسًا للدولة. وبينما تتمحور المسألة القانونية حول صحة مذكرة التوقيف في وقت صدورها، فقد ترى محكمة النقض أن القضية فقدت موضوعها الآن.
وفي اليوم نفسه، ستنظر محكمة النقض في قضية منفصلة تتعلق بالحاكم السابق لمصرف سوريا المركزي ، أديب ميالة، الذي يجادل بأنه لا ينبغي محاكمته بتهم ارتكاب فظائع جماعية بدعوى تمتعه بالحصانة الوظيفية. وكما هو الحال في قضية الأسد، يمكن أن يكون للحكم في قضية ميالة تداعيات كبيرة على التحقيقات التي تشمل مسؤولين حكوميين في فرنسا وخارجها.
نحن، منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه، نؤكد على أن الحصانة الشخصية والوظيفية يجب ألا تنطبق بموجب القانون الدولي على الفظائع الجماعية. يجب ألا تُستخدم الحصانات كستار للإفلات من العقاب عندما يرتكب قادة الدول جرائم بشعة، بما في ذلك ضد شعوبهم. إن التمسك بمذكرة التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد ورفض الحصانة الوظيفية لأديب ميالة سيرسلان رسالة قوية مفادها أنه لا أحد، مهما كان منصبه أو لقبه، فوق القانون عندما يتعلق الأمر بجرائم تهز ضمير الإنسانية.
إن هذه الجلسة ليست مجرد اختبار للمبادئ القانونية فحسب، بل هي بارقة أمل للناجين/ات وعائلات الضحايا الذين سعوا إلى تحقيق العدالة لأكثر من عقد من الزمن. إن صدور حكمٍ راسخٍ في الالتزام بتحقيق بالعدالة في الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي وإعطاء الأولوية للمساءلة على الإفلات من العقاب، من شأنه أيضًا أن يمنح أملًا كبيرًا لآخرين وقعوا ضحايا على أيدي قادة حكوماتٍ حول العالم.
خلفية
نشأت قضية الأسلحة الكيماوية نتيجة لشكوى وأدلة جمعها كل من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والأرشيف السوري ومبادرة العدالة في مؤسسة المجتمع المفتوح. انضمت هذه المنظمات، إلى جانب ضحايا أفراد، ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية وأطباء من أجل حقوق الإنسان إلى القضية كأطراف مدنية وواصلت دعم التحقيق حتى الآن.
المنظمات الموقعة:
منظمة العفو الدولية
منظمة المدافعون عن الحقوق المدنية
المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان
اللجنة الدولية للحقوقيين
الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان
مبادرة العدالة في مؤسسة المجتمع المفتوح
أطباء من أجل حقوق الإنسان
ريدريس
الأرشيف السوري ضمن مؤسسة نيمُنك
المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
منظمة ترايل الدولية TRIAL International