على الصعيد المالي لم تنعكس الأزمة المالية العالمية بشكل كبير على أوضاع الصحفيين السوريين فهي سيئة جدا من قبل حصول الأزمة حيث تعتبر الرواتب و الأجور في سورية متدنية جدا كذلك الأمر بالنسبة إلى الصحفي الحر " الاستكتاب " إذ تبدأ سلسلة البدلات للمواد الصحفية – بشكل عام – ب 300 ل . س ( أي ما يعادل تقريبا 6 $ ) و تصل أحيانا إلى 5000 ل. س ( أي ما يعادل 100$ تقريبا ) و ذلك بالنسبة للتحقيقات الكبيرة .
لكن ما يجب التوقف عنده طويلا و قرع ناقوص الخطر تجاهه هو الصيغ التعاقدية المعمول بها في مهنة الصحافة في سوريا سواء بالنسبة للإعلام الحكومي أو الإعلام الخاص و التي تشكل استباحة لحقوق الصحفيين بكل ما تعنيه هذه الكلمة . . .
حيث أظهرت نتائج تحليل عينة عشوائية قام بها المركز شملت 50 صحفي من القطاع الخاص أن نسبة 97% من الصحفيين العاملين في هذا القطاع لا يمتلكون أي عقود عمل و إنما يرتبطون بتفاهمات شفهية مع رب العمل تجعلهم تحت رحمته و عرضة للتسريح التعسفي في أي وقت و دون أي ضمانات وظيفية أو من أي حقوق التأمينات الاجتماعية من قبيل التقاعد أو الطبابة أو إصابات العمل . . . . الخ وسط صمت و تغاضي مريب من اتحاد الصحفيين و من وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل و من مجلس النواب السوري .
و لا يبدوا الوضع أفضل بكثير بالنسبة لغالبية الصحفيين العاملين في الإعلام الحكومي و الذي يتبع لوزارة الإعلام حيث تنتشر صيغ تعاقدية شاذة و تخالف الكثير من بنود قانون العمل و تعليمات وزارة المالية السورية من قبيل عقود العمل المؤقتة ل 3 أشهر أو 6 أشهر أو سنة و كذلك نظام الفاتورة و نظام البونات حيث جميعها أيضا لا تشتمل على أي ضمانات سواء من جهة الاستمرارية أو لجهة حقوق التأمينات الاجتماعية و يقدر عدد العاملين وفق هذه الصيغ الوظيفية في الإعلام الحكومي بالآلاف بعضهم يعمل بعقود مؤقتة تجدد سنويا منذ أكثر من عشرين عام
و أيضا وسط صمت و تغاضي مريب من اتحاد الصحفيين و من وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل و من مجلس النواب السوري .
( رفضت وزارة الإعلام – دون توضيح الأسباب الموجبة – تزويدنا بقوائم الصحف و وسائل الإعلام التي تصدر عن الجهات الحكومية و كذلك قوائم الصحف و وسائل الإعلام الخاصة)
يقدر عدد الصحف الخاصة التي مازالت مرخصة في سوريا حتى العام 2009 ب 150 صحيفة بينما سجل العام الماضي وجود 120 ترخيص و قد استطعنا تحديد 8 مطبوعات توقفت عن العمل و الغي ترخيصها في هذا العام بسبب انقطاعها عن الصدور و هي :
الإعلام الحكومي : شهد هذا العام تنصيب الزميلة سميرة المسالمة كأول امرأة سورية في منصب رئيس تحرير صحيفة يومية حكومية و هي صحيفة تشرين أما غير ذلك فلا يزال الإعلام الحكومي يحمل في داخله مجموعة من الأزمات الحادة بعضها يرتبط بواقع الإعلام في سوريا بشكل عام سواء من ناحية سيطرة الدولة والبيئة القانونية والآخر يتفرد فيها نتيجة للإرث الثقيل الذي يحمله منذ عقود طويلة ومهما حاولت الحكومة في سوريا تأجيل مواجهة هذه الأزمات والهروب للأمام بانتظار معجزة ما فانه لابد من اعتماد خطة طوارئ وطنية تقوم على أسس مختلفة عن الذهنية السائدة حاليا تعمل على:
– تغيير صفة و وظيفة الإعلام القائم حاليا من إعلام الدولة والحكومة إلى إعلام الخدمة العامة.
– إعادة هيكلة للموارد البشرية و للبنية الإدارية تؤدي إلى إيقاف النزيف المالي وحالة العطالة و البيروقراطية مع ضمان حقوق العاملين.
– تحقيق توزيع إعلامي عادل و متكافئ بين جميع المحافظات و المناطق السورية من خلال وقف عملية مركزة وسائل الإعلام و التوسع في إنتاج وسائل إعلام محلية و مجتمعية.
الإعلام الحزبي: لا يزال الإعلام الحزبي في سوريا ضعيفا وغير مؤثر في الرأي العام السوري شأنه في ذلك شأن الأحزاب السياسية ذاتها و لم تحظ أحزاب المعارضة أو صحفها بفرصة الاعتراف القانوني حيث لا يوجد بسوريا حتى لحظة إعداد هذا التقرير قانون للأحزاب. وتصدر هذه الأحزاب صحفها بشكل سري و بتقنيات طباعة بسيطة و بشكل غير منتظم و توزع هذه الصحف أيضا بشكل سري على أعضاء هذه الأحزاب و المقربين.
الإعلام السوري الكردي : لا تزال الحكومة السورية ترفض النشر باللغة الكردية من حيث المبدأ بغض النظر عن الوسيلة أو الموضوع في حين أن النشر باللغات الأجنبية مثل الانكليزية أو الفرنسية مسموح و حتى إدخال مطبوعة أو كتاب باللغة الكردية محظور. وقد ظهرت الصحافة الكردية السورية بشكل أساسي كصحافة حزبية تابعة للأحزاب السياسية الكردية المحظورة حتى الثقافية منها وهذا ما فرض عليها طبيعة خاصة من حيث المواضيع و الطرح فهي أما نشرات حزبية أو صحف ثقافية تعنى بشكل خاص بنشر الثقافة الكردية والخصوصية الكردية ولم تتحول إلى صحف عامة وهي ما تزال تعمل بشكل سري منذ نشأتها حتى يومنا هذا و بأدوات تقنية بسيطة.