ليلى أحمد 02.01.2012
نصت المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الاراء دون تدخل، واستقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها باية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. وهو حق حرصت الدول المتقدمة على الالتزام بها، غير انها وجدت ضرورة لوضع بعض المعايير، ليس بقصد الحد من هذه الحريات، بل لضبطها، وتجنب تطبيقها الخاطيء.
وتختلف ضوابط ومعايير حرية التعبير من دولة لاخرى، غير انها تلتقي في عدم المس بوحدة البلاد، وعدم الجوء الى العنف وإثارة الاحقاد. وفي العراق بديمقراطيته الناشئة، التي ولدت بعد عام 2003 وما شهده من ظهور عدد كبير من وسائل الاعلام، يرى مواطنون ان بعض هذه الوسائل ينطق بخطاب طائفي مع كل ازمة سياسية تشهدها البلاد، ويخشى هؤلاء من ان يؤدي مثل هذا الخطاب الى اثارة العنف الطائفي مجددا، وجرّ البلاد الى فتنة تأتي على الاخضر واليابس، في غياب قوانين تلزم الفضائيات والصحف بالحفاظ على وحدة البلاد. الاعلامية عالية طالب انتقدت بشدة بعض وسائل الاعلام التي تتعمّد الخطاب الطائفي، من خلال جرّ المتحدثين الى هذه المنطقة المحرّمة، التي تهدّد وحدة البلاد، وتحرّض على العنف.
وتعتقد عالية طالب ان مثل هذه القنوات تُسيّر من قبل المموّل الذي غالبا ما يقوم بتنفيذ آجندات خارجية، تهدف النيل من وحدة العراق. وتشير الاعلامية الى حالة الضعف التي تعاني منها اقسام المراقبة والرصد في هيئة الاعلام والاتصالات، التي من مهامها ايجاد ميثاق شرف تلتزم به وسائل الاعلام. اذاً حرية التعبير مكفولة بالمادة الـ 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، بشرط عدم الاساءة الى النظام العام، والى القانون ووحدة البلد، والابتعاد عن اثارة الكراهية والاحقاد والعنصرية. ويوضح عميد كلية الاعلام بجامعة بغداد الدكتور هاشم حسن بهذا الخصوص ان على وسائل الاعلام الالتزام بالمعايير، التي يكفلها ايضا الاعلان العالمي لحقوق الانسان والدساتير ومواثيق الشرف الاعلامي.
ويشدد هاشم حسن على اهمية تفعيل الضوابط، التي وضعتها هيئة البث والارسال الخاصة بمحاسبة الفضائيات التي تتناول خطابات منطوية على مفردات طائفية، مؤكدا ان جميع الفضائيات التي تعمل ضمن نظام عربسات موقعة على وثيقة اخلاقية يفترض ان تلتزم بها. وتؤكد هيئة الاعلام والاتصالات التي انشأت عام 2003 ان اساس مهامها هو تشجيع الحريات الاعلامية، ومنع محاولات الكبت والقمع، وفرض القيود، غير ان هناك ضوابط ومعايير معترف بها عالميا، ومعتمدة في كل الدول الديمقراطية، وتعتمدها الهيئة ايضا ضمن قواعد البث والارسال، التي بُلّغ بها جميع وسائل الاعلام، ومنها عدم التحريض على العنف، وعلى كل ما يمس بحقوق الانسان، والاديان والعقائد.
ويؤكد عضو الهيئة سالم مشكور ان كل جهة تخرق هذه القواعد تتعرض للمحاسبة والعقوبات، التي وضعت والتي تبدأ بالفات النظر، وتنتهي بسحب رخصة العمل. ويضيف مشكور ان هناك اجهزة رصد تقوم بمتابعة ومراقبة ما يبث من خلال وسائل الاعلام، لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين.
وحذّر نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي وسائل الاعلام كافة من استخدام الخطاب الطائفي، لاسيما خلال الازمات السياسية، موضحا ان العام الجديد سيشهد وقفة جادة وحقيقية، للحد من لجوء بعض وسائل الاعلام الى استخدام الخطاب الطائفي بهدف خلق البلبلة، واشاعة عدم الاستقرار في البلاد، مؤكدا ان نقابة الصحفيين العراقيين، وعبر القسم القانوني فيها بصدد اعداد وثيقة شرف تلزم جميع الصحفيين على التوقيع عليها، وستكون هناك وقفة مع من يمتنع عن التوقيع على هذه الوثيقة.
واذا ماكانت هيئة الاعلام والاتصالات تتولى اتخاذ الاجراءات بشأن المخالفين لضوابط البث. فان قانون العقوبات العراقي جرّم هو الآخر كل من يحاول اثارة العنف والاحقاد، وكل ما يمس وحدة البلاد، وفق ما اشار اليه الخبير القانوني طارق حرب، الذي اكد ان استهداف شخص معين، وكيل الشتائم له، هي أخف وقعا من استخدام المصطلحات والمفردات، التي تدل على الحقد الطائفي وتحرّض على العنف. ويضيف حرب إن احكام العقوبات لاتطول فقط وسائل الاعلام، التي تقوم باثارة العنف والطائفية، بل انها تطال ايضا الشخص الذي يثير العنف الطائفي مهما كان موقعه في الدولة، إذ سيخضع الى قانون مكافحة الارهاب الذي تصل عقوبته بين السجن المؤبد والاعدام.