ملخص ما جرى
في وقت مبكر من صباح الثلاثاء 7 آذار 2017 بدأت مجموعة من الأشخاص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة للتظاهر أمام مكتب جريدة طلعنا ع الحرية في دوما احتجاجاً على مقال منشور في العدد 866 تحت عنوان (شيلني يا بابا) للكاتب شوكت غرز الدين. ويتضمن عبارات مسيئة تتطاول على الذات الإلهية.
قُدِّرت أعداد من لبوا الدعوة للتظاهر بـ 700 شخصاً تجمعوا في البداية أمام مكتب الجريدة المعنية والذي يضم إلى جانبها مقرات مجموعة كبيرة من المؤسسات المدنية التي تعمل داخل الغوطة الشرقية عموماً ودوما خصوصاً. لدى تطور الأمر إلى تهديد مباشر باقتحام المكاتب المعنية تمَّ التواصل مع أفراد من قيادة الشرطة الذين رفضوا التدخّل بحجة “عدم قدرة جهاز الشرطة على الوقوف في وجه الشارع.” وفق تعبيرهم، مضيفين: “لن نتمكن من حمايتكم أو حماية أنفسنا” ونصحوا الموظفين داخل المكاتب بإخلاء المكان.
عند الساعة الرابعة عصراً من نفس اليوم كانت جميع طواقم موظفي المؤسسات المعنية قد غادرت مكاتبها في حين كانت الجموع في الخارج لا تزال موجودة وشوهد من بينهم أشخاص يلوّحون بسكاكين وأسلحة بيضاء. تلى ذلك وصول مجموعة صغيرة إلى عين المكان حاملين بعض اللافتات و ملوّحين بأدوات تخريب ثم اقتحموا المبنى وعبثوا بمحتوياته وعمدوا إلى تخريب الأثاث والمقتنيات وتمزيق الملصقات وشعارات المؤسسات داخل مكاتبها. ثم كتبوا عبارات تهديد على الأبواب وخارج المبنى قبل مغادرتهم للمكان.
في صباح اليوم 8 أذار 20177 صدر قرار عن (النيابة العامة بدوما): “بإغلاق كافة المقرات العائدة لمجلة طلعنا ع الحرية و شبكة حراس الطفولة وكل مؤسسة آو مجلة مرتبطة بهم وذلك لحين محاكمتهم أمام القضاء.” كما تضمن القرار ”إحالة كتاب إلى مديرية منطقة دوما لإغلاق المقرات وختمها بالشمع الأحمر وتنظيم ضبط بذلك”.
قامت هيئة تحرير مجلة طلعنا ع الحرية على الفور بالاستجابة للموقف واعترفت بالمضمون المسيء للمقال المعني وأن نشره كان خطأً جسيماً, وعمدت هيئة التحرير إلى حذف المقال من موقعها ووقف توزيع العدد. كما نشرت توضيحاً تلاه اعتذار صريح من القراء والسوريين عموماً, وأوضحت بأن المقال لا يعبر عن رأي المجلة مطلقاً بل هو رأي الكاتب نفسه.
ما الذي يعنيه ذلك؟
تسبب القرار بضررٍ كبير لعمل المؤسسات المعنية صاحبة المصلحة وتوقف عملها اليومي الهادف أساساً لدعم صمود الغوطة تحت الحصار واستمرار تمكين الناس من الحياة الطبيعية رغم ظروف المعيشة القاسية التي فرضها الصراع مع نظام الأسد وحربه المفتوحة على المجتمع والناس. وفي حين تقدم مؤسسات كمنظمة التنمية ودعم المشاريع الصغيرة فرص حياة وعمل للناس والسكان داخل الغوطة. فإنَّ مؤسسة حراس الطفولة تقدم التعليم والحماية والدعم النفسي لأكثر من 18000 طفل من أطفال دوما والغوطة الواقعين تحت عنف يومي. كما يعمل مركز توثيق الانتهاكات في سوريا على حفظ سجلات وحقوق الضحايا والمعتقلين والشهداء ومتابعة كل ما يخص انتهاك حقوق الناس والسكان في ظل ظروف شديدة العنف والتعقيد.
إنّ القرار التعسفي الصادر صباح اليوم هو:
- غير مبرر وغير عادل لجهة تعديه على مؤسسات غير معنية أساساً بالقضية ذات الصلة بالدعوى القضائية و المقال المسيء في جريدة طلعنا ع الحرية.
- يساهم بوضوح في تمكين الحصار على السكان والأهالي عبر إغلاق نوافذ الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات في ظل ظروف الحصار والمعاناة المستمرة لأهالي الغوطة من ظروف فرضها عليهم انتقام نظام الأسد منهم بسبب انتفاضتهم للمطالبة بحريتهم.
- يكرس هيمنة قوى الأمر الواقع العسكرية المطلقة على المجتمع عبر منعه أي مبادرات مستقلة لا تنضوي تحت إدارة وإشراف هذه القوى.
- يقدم صورة واهية عن ارتباط مجموعة من المؤسسات ببعضها وتقديمها كسلة واحدة على الرغم من حقيقة أنها مستقلة إدارياً ومالياً ولا تتبع أي منها الأخرى وهي تتشارك المبنى والمكاتب فقط وصادف أنَّ سنوات النضال ضد نظام الأسد والهم العام المشترك جعلت من بعض كوادرها أصدقاء شخصيين خارج العمل.
كيف ننظر لما حدث؟
نحن مجموعة من المؤسسات المدنية السلمية وغير المسلحة وليس لنا أدوات صراع ومواجهة إلا القانون والمؤسسات العامة البديلة عنن مؤسسات نظام الأسد. كما أن مؤسساتنا بمجملها تعارض مضمون المقال وتعتبر أنه يتنافى مع قيمها ومبادئها. لذا فإننّا سوف نقوم بكل ما بوسعنا لمواجهة هذا القرار التعسفي بالقانون والحجة والمنطق. ونحن على ثقة من تهافت حجج ومنطق سلطات الأمر الواقع التي لم تعد ترى في أي عمل مستقل سوى مجرد عدو أو منافس وشرعت تعتدي على المبادرات المستقلة وتستخدم كل الأساليب الملتوية والحمقاء للاعتداء على كوادرنا وزملائنا وتهديد سلامتهم تارة عبر التهديد المباشر وتارة عبر التحريض والادعاء بعدم المسؤولية عن هذه التهديدات. وأننا نحمل القوة العسكرية العاملة في المنطقة مسؤولية سلامة زملائنا وكوادر مؤسساتنا في دوما والغوطة. وقد انتشرت مؤخراً ملصقات ورقية في دوما تصل للتهديد بالقتل وإباحة دم زملائنا بدون أي سبب أو ذنب ارتكبوه. وسوف لن ندخر جهداً لحماية زملائنا في دوما ولن يكون إغلاق هذا الملف ببساطة فتحه.
نؤكد على:
- إعادة فتح مكاتب المؤسسات المعنية فوراً.
- رفع أي تهديد يطال زملائنا و كوادرنا على الأرض في دوما فوراً.
- حماية مكاتبنا هي مسؤولية سلطات الأمر الواقع. وأي اعتداء عليها من قبل أي كان تتحمل مسؤوليته السلطات الأمنية (القضاء والشرطة والفصائل العسكرية) مباشرة.
المؤسسات المعنية:
- شبكة حراس الطفولة
- مركز توثيق الانتهاكات VDC
- منظمة اليوم التالي
- مكتب التنمية ودعم المشاريع الصغيرة
- لجان التنسيق المحلية
مؤسسات متضامنة:
- بيتنا سوريا
- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
- تجمع المحامين السوريين الأحرار
- مركز الكواكبي للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان
- الحراك السلمي السوري
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
- مؤسسة دارنا