آلاف الأتراك يحتجون على الحكم الصادر في جريمة مقتل صحافي
ترك المشاركون في ذكرى الوفاة لافتات مكتوبا عليها «القضية لن تنتهي هنا»
صحيفة “الشرق الأوسط”- إسطنبول: سيبنيم أرسو*
نظم عشرات الآلاف مسيرة في وسط إسطنبول يوم الخميس (الماضي) في الذكرى الخامسة لمقتل الصحافي البارز هرانت دينك، احتجاجا على رفض إحدى المحاكم الجنائية التركية التحقيق فيما إذا كانت حادثة الاغتيال قد نتجت عن مؤامرة من جانب شبكة غير شرعية.
ترك المشاركون في ذكرى وفاة الصحافي زهورا حمراء ولافتات مكتوبا عليها «القضية لن تنتهي هنا»، في المكان الذي لقي فيه دينك، ذو الأصل الأرميني، مصرعه جراء طلق ناري يوم 19 يناير (كانون الثاني) عام 2007، خارج مكتب جريدة «أغوس»، الصحيفة نصف الشهرية التي تصدر باللغتين التركية والأرمينية والتي كان يرأس تحريرها. كان دينك (52 عاما) متحدثا بارزا باسم الأرمينيين في تركيا ومدافعا عن السلام وحقوق الأقليات، وقد نظم بلا هوادة حملة للاعتراف الرسمي بمقتل أكثر من مليون أرميني على يد الجيش العثماني في عام 1915.
تمت إدانة قاتل دينك وصدر حكم ضده في يوليو (تموز). وفي يوم الثلاثاء أدانت محكمة مؤلفة من ثلاثة قضاة في إسطنبول ياسين هايال، القومي المتطرف، بالتحريض على قتل دينك وأصدرت ضده حكما بالسجن مدى الحياة، لكنها برأت 18 متهما بتهم المشاركة في مؤامرة أكبر وراء عملية الاغتيال، وتقدم المدعون العموميون بالتماس يوم الخميس.
ركزت موجة الغضب الشعبي ضد الحكم الصادر على ما ينظر إليه كثيرون باعتباره نفوذا للفصائل غير الشرعية داخل الحكومة، وافتقارا للإرادة السياسية التي عرقلت إجراء تحقيق متعمق في حادثة الاغتيال.
وأعرب الرئيس عبد الله غل ومسؤولون رفيعو المستوى من حزب العدالة والتنمية المؤيد للإسلاميين، الذي كان غل منتميا إليه قبل انتخابه، عن استيائهم من الحكم الصادر. وقال الرئيس غل إن القضية كانت بمثابة اختبار لتركيا، وإنه حث الناس على التحلي بالصبر حتى انتهاء النظر في دعاوى الالتماسات. ونقلت صحيفة «أناتوليان نيوز إيجنسي» شبه الرسمية عن غل قوله: «إصدار حكم في هذه القضية بشفافية ونزاهة وبما يتوافق مع تشريعنا اختبار مهم لنا».
ومع ذلك، فقد فشل رد فعل غل ومسؤولين آخرين، في إرضاء الكثيرين من بين جموع المحتجين يوم الخميس.
«لا أثق في صدق نية الحكومة»، هذا ما قالته سيربيل ساراك، محاسبة، وهي تستند إلى واجهة أحد المتاجر برفقة صديقين وهم يحملون لافتات، وأضافت: «إنهم حكومة الأغلبية، إذن، لو لم يكونوا قادرين على فعل شيء حيال هذا الظلم، فمن يمكنه أن يفعل؟». وتشارك كثيرون من بين الحشد المخاوف نفسها، فيما حملوا في هدوء لافتات سوداء مكتوبا عليها باللغتين التركية والأرمينية عبارة: «كلنا هرانت. كلنا أرمينيون».
«هذا الحكم يضر بضميرنا الجمعي بالغ الضرر، بينما من الواضح جليا أن حادث الاغتيال قامت به شبكة غير شرعية». هذا ما قاله أوكاك، مندوب إعلاني، وهو يقف في مواجهة الشارع الذي تم منه إطلاق الرصاص على دينك. وأضاف: «إذا تم استجواب مؤسسات حكومية، مثل جهاز الاستخبارات أو قوات الأمن، على الوجه الملائم، فربما تكون الفرصة مهيأة لمستقبل أكثر وضوحا».
وقال نديم سينر، الصحافي الاستقصائي الحاصل على إحدى الجوائز، والذي ألف كتابا عن تحقيقه الخاص في حادثة اغتيال دينك، إن أفرادا رفيعي المستوى من قوات الأمن وأجهزة حكومية أخرى منعوا وصول المعلومات الدقيقة المتعلقة بمقتل دينك إلى المحاكم، وهي وجهة نظر تبناها كثيرون.
وقد قضى سينر فترة عقوبة في السجن زادت على 11 شهرا بتهم دعم منظمة إرهابية. ويقول إن التهم تعتبر انتقاما من قبل مسؤولين حكوميين رفيعي الشأن ورد ذكرهم في بحثه.
وانضم الادعاء إلى صف الغضب الشعبي، بإصداره بيانا عاما استثنائيا يدحض فيه ادعاءات المحكمة بأنه لم تكن هناك أدلة كافية لإثبات أن اغتيال دينك كان جريمة منظمة. «هذه التبرئات ضد القانون». هذا ما قاله حكمت أسطى، رئيس هيئة الادعاء، بحسب محطة «إن تي في» الخاصة. وأضاف: «نرغب في إثبات أن هناك جريمة منظمة وأدلة تثبتها. وفي حقيقة الأمر، الأدلة أكثر من كافية». وقال أسطى إنه عندما أصدرت المحكمة حكمها، لم يتم الحكم على أحد المشتبه فيهم، الأمر الذي أظهر، على حد قوله، الإعداد الضعيف للأدلة في القضية على مدار خمسة أعوام.
*خدمة «نيويورك تايمز»