ماريو عبود، وأمين أبو يحيى، ونسرين ناصر الدين، ونورا زعيتر… يطلّ هؤلاء عبر الفضائية الجديدة رافعين لواء «مكافحة الفساد في العالم العربي». لكن المحطة لن تركّز فقط على السياسة بل ستعطي هامشاً واسعاً للبرامج الثقافية .
باسم الحكيم
حالة من النشاط تسود المكان: عقود مع إعلاميين واتفاقات على هيكليّة البرمجة، استديوهان ضخمان جهّزا لنشرات الأخبار والبرامج، وكُلّف جهاد الأطرش بإجراء دورات تدريبيّة للمذيعين… هكذا يبدو المشهد في مقرّ قناة «آسيا» في منطقة الجناح (بيروت) التي تنطلق على الهواء رسميّاً في شباط (فبراير) المقبل بتمويل إيراني ــ عراقي (رئيس«المؤتمر الوطني العراقي» أحمد الجلبي بشكل رئيسي).
تتوزع المهمات الإدارية في الفضائية الجديدة بين المدير العام العراقي انتفاض قنبر، ومدير المكتب التنفيذي مصطفى حوري، ومدير تحرير الأخبار عبد الله شمس الدين، ومدير البرامج بكر ناطق، ومدير دائرة المذيعين أمين أبو يحيى. لم تتأخّر هذه الفضائية الإخبارية في الإعلان عن شعارها وهو «الجرأة والعمق والدقّة»، واضعة على عاتقها تغطية الأحداث السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة في العالم العربي و«كشف الفساد».
لكنّها ستقارب الثورات من منطلق أنّها «حوّلت الربيع العربيّ خريفاً». وهنا تبرز أسئلة عن سياسة المحطة، خصوصاً في الملف العراقي: هل ستتحوّل سياستها التحريرية إلى أداة لتصفية الحسابات مع خصومها الداخليين، ومعارضي أحمد الجلبي؟ سؤال لا يمكن الإجابة عنه إلا مع انطلاق بث الفضائية الجديدة، ورصد طريقة تعاطيها مع المواضيع العراقية. لكن بعيداً عن السياسة، تعوّل «آسيا» على إعلاميين حققوا شهرتهم في محطات محلية وفضائية أمثال ماريو عبّود (الجديد)، سهير مرتضى (العربيّة)، ثم نسرين ناصر الدين ونورا زعيتر القادمتين من Otv. وتقدم ناصر الدين برنامج «قلب العالم»، فيما يطل ماريو عبّود في برنامج لم تحدد ملامحه بعد.
ويجري التفاوض حاليّاً مع إعلاميين من bbc و«الجزيرة»، فضلاً عن الوجوه الجديدة كنانسي السيد، وزينب ترمس، ورامي حدّاد (صاحب اللقب الجمالي)، إضافة إلى باسمة عيسى التي عملت في «التلفزيون الليبي»، وأمين أبو يحيى الذي اختبر العمل الإعلامي في «الجزيرة» و«العربيّة» سابقاً، ليقدّم برنامج «الشرق الأوسط 2020». يحدد مدير المكتب التنفيذي مصطفى حوري لـ«الأخبار» خيارات المحطة الوليدة قائلاً: «ندعم المقاومة الإسلاميّة والوطنيّة في العراق وفلسطين، ونقف في مواجهة الإرهاب في سوريا والعراق، وتحكمنا قناعاتنا»، مضيفاً أن «المحطة تلتقي في أفكارها مع أفكار «حزب الله» و«حركة التوحيد الإسلامي»، و«حركة حماس» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، من دون أن نأخذ الطابع الإسلامي، رغم أننا مع قناة «الميادين»، جزء من «اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الإسلامية»».
ويوضح حوري أن «البث ينطلق بواقع 12 ساعة يوميّاً، تتوزع على الفترتين الصباحيّة والمسائيّة، فنعرض برنامجاً صباحيّاً تتخلله نشرة إخباريّة، وفقرات اجتماعيّة وثقافيّة وصحيّة، ونخرج فيها من الإطار السياسي. وتبدأ الفترة المسائيّة عند الرابعة عصراً وتستمر حتى الواحدة بعد منتصف الليل». ويشير إلى أن «المحطة ستواكب الأحداث في العالم العربي عبر مكاتبها في العواصم»، غير أنها تخصّ العراق بـ16 مكتباً تغطي معظم المحافظات، وسيضاف إليها مكتبان جديدان ومركز بث.
ولن تتغاضى المحطة عن الأحداث في بقيّة العواصم العربيّة، غير أنها لن تشكل هاجساً لديها. ويلفت حوري إلى أن «المحطة جهزت مكتبها في طهران بإدارة محمد شمص، وآخر في واشنطن يديره عادل عوض، وهما سيقدمان برامج تواكب الأحداث الإيرانيّة والأميركيّة. إضافة إلى مكتب في سوريا تتولاه مزنى الأطرش، ويجري العمل على افتتاح مكاتب في القاهرة ولندن وأنقرة، ثم مكتب تمثيلي في دبي لضخ الإعلانات».
وإذا كانت الضرورات تجبر أصحاب المشروع الذي ولد عراقيّاً ثم تحول عربيّاً، على الابتعاد عن العراق، فلماذا لم يلجأوا إلى دبي بدل بيروت؟ يشرح حوري أن «في لبنان مساحة أكبر من الأمان، والآن صارت القاهرة وبيروت مقصد أصحاب المشاريع الإعلاميّة، لأن الكلفة أقل، والجميع يريدون الافادة من اليد العاملة اللبنانيّة التي أثبتت جدارتها». لا يخفي حوري خشيته من تغييرات «قد تؤدي إلى انقطاع البث»، لكن أصحاب المحطة لديهم مشروعهم المساند للتلفزيون الذي يتمثل في شركتي إنتاج هما «ميديا بيزنس»، و«ميديا بيزنس غروب» اللتان تنتجان برامج وثائقيّة وتنويان خوض غمار الكليبات والمسلسلات. ولن تكون المحطة يتيمة، إذ يخطّط المشرفون على «آسيا» لافتتاح قنوات أخرى لاحقاً.
ويثني حوري على ديموقراطيّة أصحاب المشروع «الذين لا يفرضون شيئاً علينا بالتزامن مع انطلاق النشرة صفر أخيراً». يبدو هذا الكلام سابقاً لأوانه، إذ تصعب معرفة النوايا منذ الآن. الأكيد أنّ قناة «آسيا» ستخوض امتحانها الأول بعد أيّام والتجربة خير برهان.