تأزم واقع الانتهاكات بحق الاعلاميين والصحافيين والكتّاب والمثقفين والفنّانين والمدوّنين والناشطين الحقوقيين خلال كانون الثاني/يناير 2012 عن السابق، من خلال تصاعد وتيرة الاعتداءات وارتدائها طابعاً دمويا ووحشيا، ولو اختلفت نسبتها وحدّتها وطبيعتها في كل من البلدان الاربعة التي يغطيها نشاط مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية سكايز عيون سمير قصير، لبنان وسوريا والاردن وفلسطين.
ففي ظل الاعتداء بالسكاكين على الناشط الحقوقي محمود أبو رحمة في غزة، والإعتداء بالضرب على صحافيين في الاردن، واستمرار مسلسل الاستدعاءات والاعتقالات والترهيب في الضفة الغربية، وتزايد حالات القرصنة الإلكترونية في لبنان، كان فاقعاً ووحشياً مشهد “اصطياد” القوات الاسرائيلية المصورين والمراسلين الفلسطينيين بشكل مباشر ومتعمّد بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع.
إلا أن المشهد الاكثر دموية على الاطلاق ظل مسيطراً في سوريا مع مقتل كل من الصحافي السوري شكري أبو البرغل برصاصة في وجهه في ريف دمشق، والصحافي الفرنسي جيل جاكييه بشظايا قذيفة في حمص فيما أصيب المصور الصحافي البلجيكي ستيفن فيسنار بجروح بليغة في عينه أثناء مرافقته له، إضافة الى سلسلة من الانتهاكات التي رصدها “سكايز” في كل من البلدان الاربعة.
وفي ما يلي أهم التفاصيل:
في لبنان، شهدت الساحة الإعلامية والثقافية خلال كانون الثاني/يناير 2012، تزايداً في حالات القرصنة الإلكترونية، إذ تمّت قرصنة صفحة الإعلامية بولا يعقوبيان (18/1) على موقع “فايس بوك” (Facebook)، وصفحة مجلة “الجرس”(11/1) والبريد الإلكتروني للكاتب سعود المولى (5/1) وموقع “ناو ليبانون” (Now Lebanon) الإخباري (19/1)، في حين تمكن مجهول من إرسال أخبار وبيانات صحافية باسم الاعلامية هلا المرّ من بريد إلكتروني مزيّف (4/1). وكان لافتاً إلغاء المغنية البلجيكية لارا فابيان حفلين موسيقيين كان من المقرر أن تحييهما في “كازينو لبنان” بعد حملة دعت الى مقاطعتها (19/1)، وإقفال “مسرح بيروت” رغم قرار وزير الثقافة إدراجه على لائحة الأبنية الأثرية (9/1)، ورفع عدد من المسؤولين الروحيين والسياسيين شكوى إلى المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع ضدّ محطتي”الجديد” و”إل.بي.سي” (LBC) بخصوص برنامجي “لازم تعرف” و”للنشر” (10/1). أما قضائياً، فقد أصدرت محكمة المطبوعات حكمين قضى الأول بتغريم الصحافي فارس خشان بجرم القدح والذم وتحقير رئيس الجمهورية السابق إميل لحود (23/1)، والثاني بتغريم مجلة “الجرس” بجرم نشر أخبار كاذبة وقدح وذم وتحقير بالفنانة هيفاء وهبة (31/1)، وتم تأجيل النظر في دعوى موظفي “دار ألف ليلة وليلة” المقفلة منذ اربعة أشهر إلى شباط/فبراير (31/1).
كما سُجّل تحضير نجل الصحافي والمفكّر مصطفى جحا في (16/1) لإعادة فتح ملف اغتيال والده في 15 كانون الثاني/يناير 1992 بسبب كتاباته ومواقفه وأفكاره التي نشرها في مقالات عدّة وأكثر من 25 كتاباً، في حين أقامت لجنة أصدقاء الشيخ حسن مشيمش لقاءً تضامنياً معه في (24/1) “دفاعاً عن حرية التعبير” خلال جلسة محاكمته معتبرة أنه “سجين رأي”، وطالبت القضاء بـ”تحقيق العدالة واعتماد الشفافية”، لا سيما وأنه ألّف خمسة كتب وأصدر مجلة “ضفاف” التي تُعنى بالقضايا الفكرية والثقافية وفي سوريا، صُبغت الساحة الإعلامية والثقافية خلال كانون الثاني/يناير 2012 مرة جديدة بدماء الصحافيين، في استعادة مؤلمة ويومية للعنف الدموي الخطير المسيطر على البلاد منذ اندلاع الاحداث في آذار/مارس الماضي.
فقد سجّل شريط الانتهاكات مقتل كل من الصحافي السوري شكري أبو البرغل برصاصة في وجهه في ريف دمشق (2/1)، والصحافي الفرنسي جيل جاكييه بشظايا قذيفة في حمص (11/1)، فيما أصيب المصور الصحافي البلجيكي ستيفن فيسنار بجروح بليغة في عينه أثناء مرافقته لجاكييه (11/1).
وفي حين أطلقت السلطات السورية سراح كل من الصحافيَيْن عامر مطر المعتقل منذ بداية الاحداث (4/1) وعبد المجيد تمر بعد 232 يوماً على اعتقاله (18/1) والناشط الحقوقي نجاتي طيّارة بعد سجنه لمدة 8 أشهر (17/1) والمدوّن قيس أباظلي بعد 69 يوماً على اعتقاله (25/1)، استكملت مسلسل اعتقالاتها وألقت القبض على المدوّن محمد غازي كناص في دمشق (3/1)، والفنان التشكيلي خضر عبد الكريم في الحسكة (31/1)، والمخرج غسان عبد الله الذي أطلقته في اليوم نفسه (22/1)، إضافة الى استجواب القاضي العسكري الأول في دمشق الكاتب بسام جنيد على خلفية مقال نشره (29/1).
وفي الاردن، كان أبرز الانتهاكات على الساحة الإعلامية والثقافية خلال كانون الثاني/يناير 2012، الإعتداء بالضرب على الصحافي في صحيفة “الدستور” حمزة المزرعاوي وزميله رائد العورتاني من تلفزيون “جوردان دايز” (Jordan Days) خلال تغطيتهما اعتصاماً في وسط عمّان (20/1).
وسجّل تهجم عضو مجلس الأعيان يوسف الدلابيح على الصحافيين ونعتهم بـ”الانتهازيين” (8/1)، وتقديم مدير مكتب وزير الإعلام الأردني طه الخصاونة شكوى ضد الصحافي عبد الكريم الزعبي بتهمة كيل السباب والشتائم (5/1).
وفي حين حاول مجلس الأعيان الإلتفاف على معارضة الجسم الصحافي للمادة 23 من قانون الفساد من خلال التوصية بضم مضمونها إلى قانون العقوبات (12/1)، لوّح مجلس النواب باتخاذ إجراء قانوني بحق موقع “رم” الاخباري بعد نشره خبراً اعتبره “غير صحيح وفيه إساءة إلى المجلس بطريقة غير لائقة وغير حضارية” (11/1)، في ظل تعرّض موقع “إن لايت برس” (InLight Press) للقرصنة من قبل جهات مجهولة (28/1).
وكان لافتاً توقيع خمسين نائباً على عريضة تطالب بإسقاط الثقة عن وزير الإعلام راكان المجالي على خلفية تصريحاته حول تحديد موعد الإنتخابات النيابية (11/1)، وإقصاء إدارة صحيفة “العرب اليوم” الصحافي وليد حسني عن عمله الاساسي بعد كتابته تعليقاً على موقع “فايس بوك” (Facebook) ينتقد فيه الإدارة (4/1).
وفي غزة، لم تكن الانتهاكات كثيرة على الساحة الإعلامية والثقافية خلال كانون الثاني/يناير 2012، لكنها تميزت بخطورتها، وكان أبرزها الاعتداء على الناشط الحقوقي محمود أبو رحمة وطعنه بالسكاكين إثر نشره مقالاً انتقد فيه “المقاومة” (13/1).
وفي حين منعت حكومة “حماس” المقالة 13 شاباً وشابة من المشاركة في مسابقة غنائية ينظمها ويعرضها تلفزيون وفضائية “ميكس معاً” بحجة أنها “تتنافى مع العادات والتقاليد” (15/1)، تعرضت وكالة “معاً” الاخبارية في اليوم التالي (16/1) لهجوم شرس شنّه المكتب الاعلامي الحكومي عليها واصفاً المواضيع التي تنشرها عن القطاع بأنها “تشويه وعداء يفوق الدعاية الصهيونية والدعاية الأمنية السرية ضد غزة”.
وكان لافتاً استمرار كل من السلطة الفلسطينية و”حماس” في عدم تطبيق توصيات “لجنة الحريات” التي تمخّضت عن اجتماعات المصالحة الوطنية في القاهرة، والتي من أهم بنودها إعادة طباعة وتوزيع الصحف الفلسطينية الممنوعة في المنطقتين، وقد كان منتصف كانون الثاني/يناير آخر موعد للتحقق من تنفيذها، ما يؤكد أن آثار الانقسام الفلسطيني على واقع حرية الرأي والتعبير وحرية العمل الصحافي لا تزال سارية في كل من الضفة والقطاع.
وفي الضفة الغربية، تصاعدت وتيرة الانتهاكات على الساحة الاعلامية والثقافية خلال كانون الثاني/يناير 2012، وكان أخطرها “اصطياد” القوات الاسرائيلية المصورين والمراسلين الفلسطينيين بشكل مباشر ومتعمّد بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع ما أدى الى اصابة عدد منهم بجروح وحالات اختناق شديد ورضوض خلال تغطيتهم المسيرات السلمية المناهضة لجدار الفصل والاستيطان.
وقد سُجّل إصابة مصوّر صحيفة “الحياة الجديدة” مهيب البرغوثي بجروح بليغة في ساقيه برصاصة أطلقها عليه جندي إسرائيلي عمداً (27/1)، والصحافي هارون عمايرة بقنبلة غاز في قدمه (27/1)، ومصور المكتب الاعلامي للمقاومة الشعبية محمد عطية بقنبلة مماثلة في رجله (27/1).
وفي حين منعت المخابرات الاسرائيلية الصحافي محمد بشارات من السفر إلى الأردن من دون اي مسوّغ (21/1)، استدعت المحكمة العسكرية الاسرائيلية الصحافي يوسف أبو جعص (22/1)، وجدّدت السلطات الاسرائيلية الاعتقال الاداري بحق منسق البرامج في قناة “القدس” الفضائية الصحافي نواف العامر مرة ثالثة (26/1)، ومددت كل من محكمة “سالم” توقيف الصحافي والمدوّن أمين أبو وردة، ومحكمة “عوفر” الصحافي رائد الشريف “لاستكمال باقي الاجراءات لمحاكمتهما” (4/1)، في ظل مطالبة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بإدانة تلفزيون “فلسطين” بسبب تلقّيه اتصالاً خلال عرض برنامج مخصص للاسرى من والدة وعمة الأسير الذي نفّذ عملية “مستوطنة ايتمار” (29/1).
أما على الصعيد الداخلي الفلسطيني، فقد اعتقلت عناصر أمنية فلسطينية بما يشبه عملية الاختطاف، الصحافي رامي سمارة لساعات على خلفية تعليق وضعه على صفحته على الـ”فايس بوك” (Facebook) (31/1)، واحتجز جهاز المخابرات الفلسطيني مراسل جريدة “الايام” الفلسطينية وجريدة “الغد” الاردنية الصحافي يوسف الشايب 8 ساعات ولم يُفرج عنه إلا بعد تدخل مباشر من قبل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض (31/1).
كما استدعى جهاز الامن الوقائي في الخليل مراسل صحيفة “الاهرام ويكلي” الصحافي خالد عمايرة ثلاث مرات في أسبوع (5/1). كما سُجّل تأجيل محكمة بداية قلقيلية إعلان الحكم ببراءة الصحافي عصام شاور (25/1)، إضافة الى قرصنة الموقع الإلكتروني لـ”التجمع الوطني لأُسَر شهداء فلسطين” (9/1).
أما النقطة الإيجابية الأبرز فتمثلت بإقرار محكمة العدل العليا بأن قرار النائب العام في ما يتعلق بوقف بث البرنامج الكوميدي “وطن عَ وتر” غير مُلزِم (9/1).
وفي أراضي الـ48، تابعت السلطات الإسرائيلية انتهاكاتها المختلفة بحق الصحافيين والمصوّرين والفنّانين والطلاب الفلسطينيين خلال كانون الثاني/يناير 2012.
ففي حين منعت المخابرات الإسرائيلية الصحافي راسم عبيدات من الدخول إلى الضفة الغربية مدّة 7 أشهر (31/1)، طالبت منظمة “إم ترتسو” العنصرية المتطرفة بمنع ظهور الفنان محمد بكري على المسرح (27/1).
كما سُجّل توقيف الشرطة الإسرائيلية العاملين في “مركز معلومات وادي حلوة” واعتقال مصور المركز أحمد صيام بسبب تصويره عملية اعتقال أطفال عند باب المغاربة وضرب أحدهم بعنف (20/1)، وإضافة محكمة القدس تهمتين جديدتين إلى لائحة الاتهام بحق مدير المركز جواد صيام، في ظل تأجيل محكمة الناصرة البتّ بقضية الصحافي عماد المرعي ورفض تغيير ظروف اعتقاله (9/1).
أما اللافت فكان إبعاد طالبَين عربيين عن القدس مدّة أسبوع بعد رفضهما حضور لقاء مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس (17/1).
ولم تخلُ الساحة كالعادة من “الهجمة” العنصرية ضد الاقلية العربية، إذ سُجّل رفض محكمة العدل العليا الاسرائيلية التماساً ضد “قانون النكبة” الذي يخوّل وزير المالية فرض غرامات على المؤسسات التي تحيي “يوم النكبة”، وشطب الكنيست إقتراحَي قانون لنائب عربي “لأن فيهما خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها”، وحجب متاحف إسرائيلية اللغة العربية عن معلومات زوّارها خلافاً للقانون، وكذلك رفض إدارة شركة القطارات استخدام اللغة العربية في البلاغات الصوتية داخل محطاتها والعربات بحجّة أن “زيادة لغة تجعل منظومة البلاغات ضجيجاً صاخباً”.
سكايز